الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية المشي في النعل الواحدة

                                                                                                          1774 حدثنا قتيبة عن مالك ح وحدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمشي أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليحفهما جميعا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال وفي الباب عن جابر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لا يمشي أحدكم ) نفي بمعنى النهي للتنزيه ، وفي الشمائل لا يمشين ( في نعل واحدة ) وفي رواية في الشمائل واحد بالتذكير لتأويل النعل بالملبوس ( لينعلهما ) بضم الياء وكسر العين من باب الإفعال وبفتح الياء والعين من باب علم .

                                                                                                          قال في القاموس : نعل كفرح وتنعل وانتعل لبسها ، وأنعل الدابة ألبسها النعل انتهى . قال الحافظ في الفتح : قال ابن عبد البر : أراد القدمين وإن لم يجر لهما ذكر ، وهذا مشهور في لغة العرب ، وورد في القرآن أن يؤتى بضمير لم يتقدم له ذكر لدلالة السياق عليه ، وينعلهما ضبطه النووي بضم أوله من أنعل ، وتعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأن أهل اللغة قالوا نعل بفتح العين وحكي كسرها وانتعل أي لبس النعل ، لكن قد قال أهل اللغة أيضا أنعل رجله ألبسها نعلا ، ونعل دابته جعل لها نعلا .

                                                                                                          وقال صاحب المحكم : أنعل الدابة والبعير ونعلهما بالتشديد ، وكذا ضبط عياض في حديث عمر أن غسان تنعل الخيل بالضم أي تجعل لها نعالا . والحاصل أن الضمير إن كان للقدمين جاز الضم والفتح وإن كان للنعلين تعين الفتح ( أو ليحفهما ) قال الحافظ : كذا للأكثر ، ووقع في رواية أبي مصعب في الموطأ : أو ليخلعهما ، وكذا في رواية لمسلم انتهى . والإحفاء ضد الإنعال : وهو جعل الرجل حافية بلا نعل وخف ، أي ليمش حافي الرجلين . قال القاضي : إنما نهى عن ذلك لقلة المروءة والاختلال والخبط في المشي . وما روي عن عائشة أنها قالت : ربما مشى النبي صلى الله عليه وسلم في نعل واحدة إن صح فشيء نادر لعله اتفق في داره بسبب . قلت : وعلى تقدير كونه بعد النهي يحمل على حال الضرورة أو بيان الجواز وأن النهي [ ص: 384 ] ليس للتحريم . قال الخطابي : المشي يشق على هذه الحالة مع سماجته في الشكل وقبح منظره في العين ، وقيل : لأنه لم يعدل بين جوارحه ، وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي وضعفه . وقال ابن العربي : العلة فيها أنها مشية الشيطان .

                                                                                                          تكملة :

                                                                                                          قال الحافظ في الفتح : قد يدخل في هذا كل لباس شفع كالخفين وإخراج اليد الواحدة من الكم دون الأخرى ، والتردي على أحد المنكبين دون الآخر قاله الخطابي ، قال : وقد أخرج ابن ماجه حديث الباب من رواية محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ : لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ولا خف واحد ، وهو عند مسلم أيضا من حديث جابر ، وعند أحمد من حديث أبي سعيد ، وعند الطبراني من حديث ابن عباس وإلحاق إخراج اليد الواحدة من الكم وترك الأخرى بلبس النعل الواحدة أو الخف الواحد بعيد إلا إن أخذ من الأمر بالعدل بين الجوارح ، وترك الشهرة ، وكذا وضع طرف الرداء على أحد المنكبين انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما ( وفي الباب عن جابر ) أخرجه مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية