الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة طه

بسم الله الرحمن الرحيم

( طه ) : قد ذكر الكلام عليها في القول الذي جعلت فيه حروفا مقطعة . وقيل : معناه يا رجل ; منادى . وقيل : " طا " فعل أمر ، وأصله بالهمز ، ولكن أبدل من الهمزة ألفا ، و " ها " ضمير الأرض .

ويقرأ : طه ، وفي الهاء وجهان ; أحدهما : أنها بدل من الهمزة ، كما أبدلت في أرقت ، فقيل : هرقت . والثاني : أنه أبدل من الهمزة ألفا ، ثم حذفها للبناء ، وألحقها هاء السكت .

قال تعالى : ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ( 2 ) إلا تذكرة لمن يخشى ( 3 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا تذكرة ) : هو استثناء منقطع ; أي لكن أنزلناه تذكرة ; أي للتذكرة .

وقيل : هو مصدر ; أي لكن ذكرنا به تذكرة ; ولا يجوز أن يكون مفعولا له لأنزلنا المذكورة ; لأنها قد تعدت إلى مفعول له ، وهو " لتشقى " فلا تتعدى إلى آخر من جنسه ، ولا يصح أن يعمل فيها " لتشقى " لفساد المعنى . وقيل : " تذكرة " مصدر في موضع الحال .

قال تعالى : ( تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا ( 4 ) ) .

قوله تعالى : ( تنزيلا ) : هو مصدر ; أي أنزلناه تنزيلا . وقيل : هو مفعول يخشى ، و " من " متعلقة به .

و ( العلا ) : جمع العليا .

[ ص: 179 ] قال تعالى : ( له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ( 6 ) ) .

قوله تعالى : ( له ما في السماوات ) : مبتدأ وخبر ; أو تكون " ما " مرفوعة بالظرف .

وقال بعض الغلاة : " ما " فاعل " استوى " ، وهو بعيد . ثم هو غير نافع له في التأويل ; إذ يبقى قوله : ( الرحمن على العرش ) كلاما تاما ، ومنه هرب ، وفي الآية تأويلات أخر لا يدفعها الإعراب .

قال تعالى : ( وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ( 7 ) ) .

قوله تعالى : ( وأخفى ) : يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف ; أي وأخفى السر عن الخلق . ويجوز أن يكون اسما ; أي وأخفى منه .

قال تعالى : ( وهل أتاك حديث موسى ( 9 ) إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ( 10 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ رأى ) : " إذ " ظرف لـ " حديث " ، أو مفعول به ; أي اذكر .

( لأهله ) : بكسر الهاء وضمها ; وقد ذكر . ومن ضم أتبعه ما بعده .

و ( منها ) : يجوز أن يتعلق بآتيكم ، أو حالا من " قبس " .

والجيد في " هدى " هنا أن يكتب بالألف ، ولا تمال ; لأن الألف بدل من التنوين في القول المحقق ; وقد أمالها قوم ; وفيه ثلاثة أوجه ; أحدها : أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة ; إذ اللفظ بهما في المقصور واحد . والثاني : أن تكون لام الكلمة ، ولم تبدل من التنوين شيئا في النصب ، كما جاء :

وآخذ من كل حي عصم والثالث : أن تكون على رأي من وقف في الأحوال الثلاثة من غير إبدال .

قال تعالى : ( فلما أتاها نودي يا موسى ( 11 ) إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( نودي ) : المفعول القائم مقام الفاعل مضمر ; أي نودي موسى . وقيل : هو المصدر ; أي نودي النداء . وما بعده مفسر له . و " يا موسى " : لا يقوم مقام الفاعل لأنه جملة .

[ ص: 180 ] ( إني ) : يقرأ بالكسر ; أي فقال إني ، أو لأن النداء قول . وبالفتح ; أي نودي بأني ، كما تقول : ناديته باسمه .

و ( أنا ) : مبتدأ ، أو توكيد ، أو فصل .

قوله تعالى : ( طوى ) : يقرأ بالضم والتنوين ، وهو اسم علم للوادي ، وهو بدل منه . ويجوز أن يكون رفعا ، أي هو طوى .

ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث اسم للبقعة .

وقيل : هو معدول ، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه ، فكأن أصله " طاوي " ; فهو في ذلك كجمع وكتع .

ويقرأ بالكسر على أنه مثل عنب في الأسماء ، وعدا وسوى في الصفات .

التالي السابق


الخدمات العلمية