الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الفيء

                                                                                                          1719 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان قال سمعت عمر بن الخطاب يقول كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وروى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن معمر عن ابن شهاب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن مالك بن أوس بن الحدثان ) بفتح المهملة والمثلثة النصري بالنون المدني له رؤية وروى عن عمر ، قاله في التقريب ( مما لم يوجف المسلمون عليه ) في النهاية : الإيجاف سرعة السير وقد أوجف دابته يوجفها إيجافا إذا حثها انتهى . ( بخيل ولا ركاب ) قال في القاموس : الركاب ككتاب الإبل واحدتها راحلة ج ككتب وركابات وركائب انتهى ( فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا ) كذا في نسخ الترمذي بالتذكير ، وفي رواية [ ص: 312 ] للبخاري خالصة بالتأنيث وهو الظاهر ، وفي رواية أخرى له خاصة ( ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ) الكراع بالضم : اسم لجميع الخيل كذا في النهاية . والعدة ما أعد للحوادث أهبة وجهازا للغزو . وقال الحافظ : وهذا لا يعارض حديث عائشة : أنه صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة على شعير لأنه يجمع بينهما بأنه كان يدخر لأهله قوت سنتهم ثم في طول السنة يحتاج لمن يطرقه إلى إخراج شيء منه فيخرجه فيحتاج إلى أن يعوض من يأخذ منها عوضه فلذلك استدان انتهى . وقال السيوطي لا يعارضه خبر أنه كان لا يدخر شيئا لغد ؛ لأن الادخار لنفسه وهذا لغيره . وقال النووي : في هذا الحديث جواز ادخار قوت سنة وجواز الادخار للعيال وأن هذا لا يقدح في التوكل ، وأجمع العلماء على جواز الادخار فيما يستغله الإنسان من قريته كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم . وأما إذا أراد أن يشتري من السوق ويدخره لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري ما لا يضيق على المسلمين كقوت أيام أو شهر ، وإن كان في وقت سعة اشترى قوت سنة وأكثر ، هكذا نقل القاضي هذا التفصيل عن أكثر العلماء ، وعن قوم : إباحته مطلقا انتهى .

                                                                                                          واختلف العلماء في مصرف الفيء فقال مالك : الفيء والخمس سواء ، يجعلان في بيت المال ويعطي الإمام أقارب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب اجتهاده وفرق الجمهور بين خمس الغنيمة وبين الفيء ، فقالوا : الخمس موضوع فيما عينه الله فيه من أصناف المسلمين في آية الخمس من سورة الأنفال لا يتعدى به إلى غيرهم ، وأما الفيء فهو الذي يرجع النظر في مصرفه إلى رأي الإمام بحسب المصلحة . وانفرد الشافعي كما قال ابن المنذر وغيره بأن الفيء يخمس وأن أربعة أخماسه للنبي صلى الله عليه وسلم وله خمس الخمس كما في الغنيمة ، وأربعة أخماس الخمس لمستحق نظيرها من الغنيمة . وقال الجمهور : مصرف الفيء كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واحتجوا بقول عمر : فكانت هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة . وتأول الشافعي قول عمر المذكور بأنه يريد الأخماس الأربعة كذا في الفتح .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي .




                                                                                                          الخدمات العلمية