الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( باب الكاف مع التاء )

                                                          ( كتب ) ( هـ ) فيه : لأقضين بينكما بكتاب الله أي : بحكم الله الذي أنزله في كتابه ، أو كتبه على عباده ، ولم يرد القرآن ؛ لأن النفي والرجم لا ذكر لهما فيه .

                                                          والكتاب مصدر ، يقال : كتب يكتب كتابا وكتابة ، ثم سمي به المكتوب .

                                                          ( س ) ومنه حديث أنس بن النضر : " قال له : كتاب الله القصاص " أي : فرض الله على لسان نبيه .

                                                          وقيل : هو إشارة إلى قول الله تعالى : والسن بالسن ، وقوله : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به

                                                          ( س ) ومنه حديث بريرة : " من اشترط شرطا ليس في كتاب الله " أي : ليس في حكمه ، ولا على موجب قضاء كتابه ؛ لأن كتاب الله أمر بطاعة الرسول ، وأعلم أن سنته بيان له . وقد جعل الرسول الولاء لمن أعتق ، لا أن الولاء مذكور في القرآن نصا .

                                                          * وفيه : من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار هذا تمثيل ؛ أي : كما يحذر النار فليحذر هذا الصنيع .

                                                          وقيل : معناه كأنما ينظر إلى ما يوجب عليه النار .

                                                          ويحتمل أنه أراد عقوبة البصر ؛ لأن الجناية منه ، كما يعاقب السمع إذا استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون .

                                                          [ ص: 148 ] وهذا الحديث محمول على الكتاب الذي فيه سر وأمانة يكره صاحبه أن يطلع عليه ، وقيل : هو عام في كل كتاب .

                                                          وفيه : لا تكتبوا عني غير القرآن وجه الجمع بين هذا الحديث ، وبين إذنه في كتابة الحديث عنه ، فإنه قد ثبت إذنه فيها ، أن الإذن في الكتابة ناسخ للمنع منها بالحديث الثابت ، وبإجماع الأمة على جوازها .

                                                          وقيل : إنما نهى أن يكتب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة ، والأول الوجه .

                                                          وفيه : قال له رجل : إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا أي : كتب اسمي في جملة الغزاة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن عمر ، وقيل ابن عمرو : " من اكتتب ضمنا بعثه الله ضمنا يوم القيامة " أي : من كتب اسمه في ديوان الزمنى ولم يكن زمنا .

                                                          ( س ) وفي كتابه إلى اليمن : " قد بعثت إليكم كاتبا من أصحابي " أراد عالما ، سمي به لأن الغالب على من كان يعرف الكتابة ( أن يكون ) عنده علم ومعرفة ، وكان الكاتب عندهم عزيزا ، وفيهم قليلا .

                                                          وفي حديث بريرة : " أنها جاءت تستعين بعائشة في كتابتها " الكتابة : أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجما ، فإذا أداه صار حرا ، وسميت كتابة لمصدر كتب ، كأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه ، ويكتب مولاه له عليه العتق ، وقد كاتبه مكاتبة ، والعبد مكاتب .

                                                          وإنما خص العبد بالمفعول ؛ لأن أصل المكاتبة من المولى ، وهو الذي يكاتب عبده ، وقد تكرر ذكرها في الحديث .

                                                          وفي حديث السقيفة : " نحن أنصار الله وكتيبة الإسلام " الكتيبة : القطعة العظيمة من الجيش ، والجمع : الكتائب ، وقد تكررت في الحديث مفردة ومجموعة .

                                                          [ ص: 149 ] ( س ) وفي حديث المغيرة : " وقد تكتب يزف في قومه " أي : تحزم وجمع عليه ثيابه ، من كتبت السقاء إذا خرزته .

                                                          ( س ) وفي حديث الزهري : " الكتيبة أكثرها عنوة ، وفيها صلح " الكتيبة مصغرة : اسم لبعض قرى خيبر يعني : أنه فتحها قهرا ، لا عن صلح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية