الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في الرخصة لأهل العذر في القعود

                                                                                                          1670 حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي إسحق عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائتوني بالكتف أو اللوح فكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين وعمرو بن أم مكتوم خلف ظهره فقال هل لي من رخصة فنزلت غير أولي الضرر وفي الباب عن ابن عباس وجابر وزيد بن ثابت وهذا حديث حسن صحيح وهو حديث غريب من حديث سليمان التيمي عن أبي إسحق وقد روى شعبة والثوري عن أبي إسحق هذا الحديث [ ص: 255 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 255 ] ( باب في أهل العذر في القعود ) المراد بالعذر ما هو أعم من المرض وعدم القدرة على السفر ، وأما حديث جابر عند مسلم بلفظ : حبسهم المرض فكأنه محمول على الأغلب .

                                                                                                          قوله : ( ائتوني بالكتف أو اللوح ) الظاهر أن أو للتنويع ، ويحتمل أن يكون للشك ، وفي رواية للبخاري : " ادعوا فلانا " فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف ، وفي رواية مسلم : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف . قال النووي : فيه جواز كتابة القرآن في الألواح والأكتاف ، وفيه طهارة عظم المذكى وجواز الانتفاع به ( فكتب ) أي كتب بأمره ، وفي حديث زيد بن ثابت : أملى عليه ( هل لي رخصة ) وفي حديث زيد عند البخاري : فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي قال يا رسول الله ، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى فنزلت غير أولي الضرر قال النووي : قرئ غير بنصب الراء ورفعها قراءتان مشهورتان في السبع ، قرأ نافع وابن عامر والكسائي بنصبها والباقون برفعها ، وقرئ في الشاذ بجرها ، فمن نصب فعلى الاستثناء ، ومن رفع فوصف للقاعدين أو بدل منهم ، ومن جر فوصف للمؤمنين أو بدل منهم . وقال في قوله تعالى : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر الآية دليل لسقوط الجهاد عن المعذورين ، ولكن لا [ ص: 256 ] يكون ثوابهم ثواب المجاهدين بل لهم ثواب نياتهم إن كان لهم نية صالحة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ولكن جهاد ونية ، وفيه أن الجهاد فرض كفاية ليس بفرض عين ، وفيه رد على من يقول إنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فرض عين وبعده فرض كفاية ، والصحيح أنه لم يزل فرض كفاية من حين شرع ، وهذه الآية ظاهرة في ذلك لقوله تعالى : وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عباس وجابر وزيد بن ثابت ) أما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري وأخرجه الترمذي أيضا في التفسير ، وأما حديث جابر فأخرجه مسلم عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال : إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض ، وفي رواية : إلا شركوكم في الأجر ، وأخرجه أيضا ابن ماجه وابن حبان وأبو عوانة : وأما حديث زيد فأخرجه الشيخان والترمذي في التفسير .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه أحمد والشيخان والنسائي وابن حبان والترمذي في التفسير ( وقد روى شعبة والثوري عن أبي إسحاق هذا الحديث ) ذكر الحافظ في الفتح أن ثمانية رجال رووا هذا الحديث عن أبي إسحاق .




                                                                                                          الخدمات العلمية