الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 116 ] سورة الدخان

سورة الدخان .

مكية باتفاق ، إلا قوله تعالى : إنا كاشفو العذاب قليلا وهي سبع وخمسون آية . وقيل : تسع . وفي مسند الدارمي عن أبي رافع قال : ( من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له وزوج من الحور العين ) رفعه الثعلبي من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له . وفي لفظ آخر عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك . وعن أبي أمامة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة . [ ص: 117 ] بسم الله الرحمن الرحيم .

حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين .

إن جعلت ( حم ) جواب القسم تم الكلام عند قوله : ( المبين ) ثم تبتدئ ( إنا أنزلناه ) وإن جعلت إنا كنا منذرين جواب القسم الذي هو الكتاب وقفت على ( منذرين ) وابتدأت فيها يفرق كل أمر حكيم وقيل : الجواب ( إنا أنزلناه ) ، وأنكره بعض النحويين من حيث كان صفة للمقسم به ، ولا تكون صفة المقسم به جوابا للقسم ، والهاء في ( أنزلناه ) للقرآن . ومن قال : أقسم بسائر الكتب فقوله : ( إنا أنزلناه ) كنى به عن غير القرآن ، على ما تقدم بيانه في أول ( الزخرف )

والليلة المباركة ليلة القدر . ويقال : ليلة النصف من شعبان ، ولها أربعة أسماء : الليلة المباركة ، وليلة البراءة ، وليلة الصك ، وليلة القدر . ووصفها بالبركة لما ينزل الله فيها على عباده من البركات والخيرات والثواب . وروى قتادة عن واثلة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزلت الزبور لاثنتي عشرة من رمضان وأنزل الإنجيل لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين مضت من رمضان . ثم قيل : أنزل القرآن كله إلى السماء الدنيا في هذه الليلة . ثم أنزل نجما نجما في سائر الأيام على حسب اتفاق الأسباب . وقيل : كان ينزل في كل ليلة القدر ما ينزل في سائر السنة . وقيل : كان ابتداء الإنزال في هذه الليلة . وقال عكرمة : الليلة المباركة هاهنا ليلة النصف من شعبان . والأول أصح لقوله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر . قال قتادة وابن زيد : أنزل الله القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب إلى بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم أنزله الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة . وهذا المعنى قد مضى في ( البقرة ) عند قوله تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ويأتي آنفا إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية