الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في فضل من جهز غازيا

                                                                                                          1628 حدثنا أبو زكريا يحيى بن درست البصري حدثنا أبو إسمعيل حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في فضل من جهز غازيا ) تجهيز الغازي تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في غزوه .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا أبو إسماعيل ) اسمه إبراهيم بن عبد الملك البصري أبو إسماعيل القناد صدوق في حفظه شيء من السابعة .

                                                                                                          قوله : ( قال من جهز غازيا ) بتشديد الهاء أي هيأ أسباب سفره ( في سبيل الله ) أي في الجهاد ( فقد غزا ) أي حكما وحصل له ثواب الغزاة ( ومن خلف ) بفتح اللام المخففة ( غازيا ) أي قام مقامه بعده وصار خلفا له برعاية أموره في أهله ( فقد غزا ) قال القاضي : يقال خلفه في أهله إذا قام [ ص: 212 ] مقامه في إصلاح حالهم ومحافظة أمرهم أي من تولى أمر الغازي وناب منابه في مراعاة أهله زمان غيبته شاركه في الثواب ؛ لأن فراغ الغازي له واشتغاله به بسبب قيامه بأمر عياله فكأنه مسبب عن فعله . قال الحافظ في الفتح : قوله فقد غزا قال ابن حبان : معناه أنه مثله في الأجر ، وإن لم يغز حقيقة ، ثم أخرج من وجه آخر عن بسر بن سعيد بلفظ : كتب له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجره شيء ، ولابن ماجه وابن حبان من حديث عمر نحوه بلفظ : من جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع . وأفادت فائدتين :

                                                                                                          إحداهما : أن الوعد المذكور مرتب على تمام التجهيز وهو المراد بقوله : " حتى يستقل " .

                                                                                                          ثانيتهما : أنه يستوي معه في الأجر وما له بخير إلى أن تنقضي تلك الغزوة انتهى .

                                                                                                          فإن قلت : ما وجه التوفيق بين حديث الباب وحديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا وقال : ليخرج من كل رجلين رجل والأجر بينهما رواه مسلم . وفي رواية له : ثم قال للقاعد : وأيكم خلف الخارج في أهله كان له مثل نصف أجر الخارج .

                                                                                                          قلت : قال القرطبي : لفظة نصف يشبه أن تكون مقحمة أي مزيدة من بعض الرواة وقال الحافظ . ولا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح ، والذي يظهر في توجيهها أنها أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب للغازي والخالف له بخير ، فإن الثواب إذا انقسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر . فلا تعارض بين الحديثين انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما ( وقد روي ) بصيغة [ ص: 213 ] المجهول ( من غير هذا الوجه ) أي من غير هذا الإسناد المذكور ، وقد ذكره الترمذي بقوله : حدثنا ابن أبي عمر إلخ .




                                                                                                          الخدمات العلمية