الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب

                                                                                                          1602 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه قال وفي الباب عن ابن عمر وأنس وأبي بصرة الغفاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث لا تبدءوا اليهود والنصارى قال بعض أهل العلم إنما معنى الكراهية لأنه يكون تعظيما لهم وإنما أمر المسلمون بتذليلهم وكذلك إذا لقي أحدهم في الطريق فلا يترك الطريق عليه لأن فيه تعظيما لهم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لا تبدءوا اليهود والنصارى ) أي ولو كانوا ذميين فضلا عن غيرهما من الكفار ( بالسلام ) لأن الابتداء به إعزاز للمسلم عليه ، ولا يجوز إعزازهم ، وكذا لا يجوز تواددهم وتحاببهم بالسلام ونحوه ، قال تعالى : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية ولأنا مأمورون بإذلالهم كما أشار إليه سبحانه بقوله وهم صاغرون . كذا في المرقاة ( فاضطروه ) أي ألجئوه ( إلى أضيقه ) أي أضيق الطريق بحيث لو كان في الطريق جدار يلتصق بالجدار وإلا فيأمره ليعدل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه . وفي شرح مسلم للنووي قال بعض أصحابنا : يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم ، وهذا ضعيف ؛ لأن النهي للتحريم ، فالصواب تحريم ابتدائهم . وحكى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم للضرورة والحاجة ، وهو قول علقمة والنخعي ، وقال الأوزاعي : إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد ترك الصالحون ، وأما المبتدع فالمختار أنه لا يبدأ بالسلام إلا لعذر وخوف من مفسدة ، ولو سلم على من لم يعرفه فبان ذميا استحب أن يسترد سلامه بأن يقول استرجعت سلامي تحقيرا له . وقال أصحابنا : لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه ، ولكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ونحوها وإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج انتهى .

                                                                                                          [ ص: 189 ] قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر وأنس وأبي بصرة الغفاري ) وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي في هذا الباب ، وأما حديث أنس فأخرجه الشيخان مرفوعا بلفظ : " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم " . وأما حديث أبي بصرة فلينظر من أخرجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية