الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة

                                                                                                          167 حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه قال وفي الباب عن جابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وأبي برزة وابن عباس وأبي سعيد الخدري وزيد بن خالد وابن عمر قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم رأوا تأخير صلاة العشاء الآخرة وبه يقول أحمد وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لولا أن أشق ) من المشقة ، أي لولا خشية وقوع المشقة عليهم ( لأمرتهم ) أي وجوبا ( إلى ثلث الليل أو نصفه ) قيل إلى ثلث الليل ، أي في الصيف أو نصف الليل ، أي في الشتاء ويحتمل التنويع ، وهو الأظهر ويحتمل الشك من الراوي .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وأبي برزة وابن عباس وأبي سعيد الخدري وزيد بن خالد وابن عمر ) أما حديث جابر فأخرجه أحمد ومسلم والنسائي بلفظ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء الآخرة .

                                                                                                          وأما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه الشيخان .

                                                                                                          وأما حديث أبي برزة فأخرجه الجماعة ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العتمة .

                                                                                                          وأما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري ، وله حديث آخر في تأخير العشاء عند الطبراني في الكبير ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد .

                                                                                                          وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه أحمد وأبو داود .

                                                                                                          وأما حديث ابن عمر فأخرجه مسلم .

                                                                                                          [ ص: 433 ] قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد وابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( وهو الذي اختاره أكثر أهل العلم . . . إلخ ) لأحاديث الباب وهي كثيرة ، لكن قال ابن بطال : ولا يصلح ذلك الآن للأئمة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتخفيف وقال : إن فيهم الضعيف وذا الحاجة ، فترك التطويل عليهم في الانتظار أولى ، قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام ابن بطال هذا ما لفظه : وقد روى أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل . . . الحديث ، وفيه : ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل ، ثم ذكر الحافظ حديث أبي هريرة المذكور في الباب ثم قال : فعلى هذا من وجد به قوة على تأخيرها ولم يغلبه النوم ولم يشق على أحد من المأمومين فالتأخير في حقه أفضل ، وقد قرر النووي ذلك في شرح مسلم ، وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعية وغيرهم والله أعلم . ونقل ابن المنذر عن الليث وإسحاق أن المستحب تأخير العشاء إلى قبل الثلث ، وقال الطحاوي : يستحب إلى الثلث . وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين ، وهو قول الشافعي في الجديد ، وقال في القديم : التعجيل أفضل . وكذا قال في الإملاء وصححه النووي وجماعة وقالوا : إنه مما يفتى به على القديم ، وتعقب بأنه ذكره في الإملاء ، وهو من كتبه الجديدة ، والمختار من حيث الدليل أفضلية التأخير ومن حيث النظر التفصيل والله أعلم . انتهى كلام الحافظ .




                                                                                                          الخدمات العلمية