الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[فصل]

في المحافظة على القراءة بالليل

ينبغي أن يكون اعتناؤه بقراءة الليل أكثر، قال الله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين

وثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل .

[ ص: 64 ] وفي الحديث الآخر من الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل ثم تركه .

وروى الطبراني وغيره، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: شرف المؤمن قيام الليل .

والأحاديث والآثار في هذا كثيرة.

وقد جاء عن أبي الأحوص الحبشي قال: إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا - أي يأتيه ليلا - فيسمع لأهله دويا كدوي النحل، قال: فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون؟!

وعن إبراهيم النخعي كان يقول: اقرؤوا من الليل ولو حلب شاة .

وعن يزيد الرقاشي قال: إذا أنا نمت، ثم استيقظت، ثم نمت - فلا نامت عيناي.

قلت: وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والملهيات، والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل؛ فإن الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ليلا.

وحديث: ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل فيقول: هل من داع فأستجيب له الحديث.

[ ص: 65 ] وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة .

وروى صاحب بهجة الأسرار بإسناده، عن سليمان الأنماطي قال: رأيت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في المنام يقول:


لولا الذين لهم ورد يقومونا وآخرون لهم سرد يصومونا     لدككت أرضكم من تحتكم سحرا
لأنكم قوم سوء لا تطيعونا

واعلم أن فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه تحصل بالقليل والكثير، وكلما كثر كان أفضل إلا أن يستوعب الليل كله فإنه يكره الدوام عليه، وإلا أن يضر بنفسه.

ومما يدل على حصوله بالقليل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين رواه أبو داود وغيره.

[ ص: 66 ] وحكى الثعلبي ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما .

التالي السابق


الخدمات العلمية