الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السادس : إعلام الشيخ


541 . وهل لمن أعلمه الشيخ بما يرويه أن يرويه ؟ فجزما      542 . بمنعه (الطوسي) وذا المختار
وعدة ( كابن جريج ) صاروا      543 . إلى الجواز و (ابن بكر) نصره
وصاحب الشامل جزما ذكره      544 . بل زاد بعضهم بأن لو منعه
لم يمتنع ، كما إذا قد سمعه      545 . ورد كاسترعاء من يحمل
لكن إذا صح ، عليه العمل

التالي السابق


القسم السادس من أقسام أخذ الحديث وتحمله : إعلام الشيخ للطالب أن هذا الحديث ، أو الكتاب سماعه من فلان ، أو روايته; من غير أن يأذن له في روايته عنه ، وقد اختلف في جواز روايته له بمجرد ذلك : فذهب غير واحد من المحدثين وغيرهم ، إلى المنع من ذلك ، وبه قطع أبو حامد الطوسي من الشافعيين ، ولم يذكر غير ذلك ، [ ص: 453 ] فيما حكاه ابن الصلاح عنه . والظاهر أنه أراد بأبي حامد هذا الغزالي ، فإنه كذلك في المستصفى ، فقال : أما إذا اقتصر على قوله : هذا مسموعي من فلان ، فلا تجوز الرواية عنه; لأنه لم يأذن في الرواية ، فلعله لا يجوز الرواية لخلل يعرفه فيه ، وإن سمعه . انتهى كلامه . وفي الشافعيين غير واحد يعرف بأبي حامد الطوسي لكن لم يذكر له مصنفات ذكر فيها هذه المسألة . وما قاله أبو حامد من المنع ، هو المختار ، كما قال ابن الصلاح ، وقد تقدم أن مقتضى كلام السيف الآمدي اشتراط الإذن فيه . وذهب كثيرون ، منهم : ابن جريج ، وعبيد الله العمري ، وأصحابه المدنيون ، وطوائف من المحدثين ، والفقهاء والأصوليين والظاهريين ، إلى الجواز . واختاره ونصره الوليد بن بكر الغمري - بفتح الغين المعجمة - في كتاب الوجازة له . وبه قطع أبو نصر ابن الصباغ صاحب الشامل ، وحكاه القاضي عياض عن الكثير .

واختاره أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي ، وهو مذهب عبد الملك بن حبيب من المالكية - وهو [ ص: 454 ] الذي ذكره صاحب المحصول وأتباعه ، بل زاد بعضهم على هذا ، وهو القاضي أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي ، فقال : حتى لو قال له : هذه روايتي ، ولكن لا تروها عني ، ولا أجيزه لك ، لم يضره ذلك . قال القاضي عياض : وما قاله صحيح لا يقتضي النظر سواه; لأن منعه أن لا يحدث بما حدثه لا لعلة ولا ريبة في الحديث لا يؤثر; لأنه قد حدثه ، فهو شيء لا يرجع فيه ، ورده ابن الصلاح بأن قال : إنما هذا كالشاهد إذا ذكر في غير مجلس الحكم شهادته بشيء ، فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته ، إذا لم يأذن له ولم يشهده على شهادته ، قال : وذلك مما تساوت فيه الرواية والشهادة; لأن المعنى يجمع بينهما فيه ، وإن افترقتا في غيره . وقال القاضي عياض : قياس من قاس الإذن في الحديث في هذا الوجه وعدمه على الإذن في الشهادة وعدمه غير صحيح; لأن الشهادة على الشهادة لا تصح إلا مع الإشهاد والإذن في كل حال ، إلا إذا سمع أداءها عند الحاكم ، ففيه اختلاف ، والحديث عن السماع والقراءة لا يحتاج فيه إلى إذن باتفاق ، فهذا يكسر عليهم حجتهم بالشهادة في مسألتنا هنا ، ولا فرق . وأيضا فالشهادة مفترقة من الرواية في أكثر الوجوه . ثم عدد أشياء مما يفترقان فيه .

[ ص: 455 ] وقولي : ( ورد ) أي : القول بالجواز ، كمسألة استرعاء الشاهد لمن يحمله شهادته فلا يكفي إعلامه ، بل لا بد له أن يأذن له أن يشهد على شهادته ، إلا إذا سمعه يؤدي عند الحاكم ، كما تقدم ، فهو نظير ما إذا سمعه يحدث بالحديث فحينئذ لا يحتاج إلى إذنه في أن يرويه عنه ، ولا يضره منعه إذا منعه ، وهذا كله في الرواية بإعلام الشيخ . أما العمل بما أخبره الشيخ أنه سماعه فإنه يجب عليه إذا صح إسناده ، كما جزم به ابن الصلاح ، وحكاه القاضي عياض عن محققي أصحاب الأصول : أنهم لا يختلفون في وجوب العمل به .




الخدمات العلمية