الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 437 ] بسم الله الرحمن الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                                      سورة التكوير .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إذا الشمس كورت

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف في معنى " كورت " هنا أكثر من عشرة أقوال ، وكلها تدور على نهاية أمرها .

                                                                                                                                                                                                                                      فقيل : " كورت " : لف بعضها على بعض ، فانطمس نورها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : حجبت بكارة ، أي : لفت بها . وقيل : ألقيت في البحر . وقيل : دخلت في العرش . وقيل : اضمحلت . وقيل : نكست . وقال ابن جرير : نقول كما قال الله تعالى : كورت .

                                                                                                                                                                                                                                      والذي يشهد له القرآن ، أن هذا كله راجع إلى تغير حالها في آخر أمرها ; لأن الله تعالى جعل لها أجلا مسمى ، ومعنى ذلك أنها تنتهي إليه على الوجه الذي يعلمه - سبحانه وتعالى - كما في قوله تعالى : وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى [ 31 \ 29 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      فمفهومه : أنه إذا جاء هذا الأجل توقفت عن جريانها .

                                                                                                                                                                                                                                      وهو ما يشير إليها قوله تعالى : فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر [ 75 \ 7 - 9 ] ، أي : بعد أن لم يجتمعا قط ، وما كان لهما أن يجتمعا قبل ذلك الوقت ، كما في قوله تعالى : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون [ 36 \ 40 ] [ ص: 438 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ولعل أقرب الأقوال المنقولة في ذلك هو القول بأنه بمعنى : نكست . أي : ردت إلى حيث أتت ، كما في الحديث ، فتطلع من مغربها ، وعليه فتجتمع مع القمر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية