الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في النهي عن قتل النساء والصبيان

                                                                                                          1569 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر أخبره أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان وفي الباب عن بريدة ورباح ويقال رياح بن الربيع والأسود بن سريع وابن عباس والصعب بن جثامة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا قتل النساء والولدان وهو قول سفيان الثوري والشافعي ورخص بعض أهل العلم في البيات وقتل النساء فيهم والولدان وهو قول أحمد وإسحق ورخصا في البيات

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( ونهى عن قتل النساء والصبيان ) قال ابن الهمام : ما أظن إلا أن حرمة قتل النساء [ ص: 159 ] والصبيان إجماع . وعن أبي بكر أنه أوصى يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام وقال لا تقتلوا الولدان ، ولا النساء ولا الشيوخ الحديث ، قال : لكن يقتل من قاتل من كل من قلنا إنه لا يقتل كالمجنون والصبي والمرأة والشيوخ والرهبان إلا أن الصبي والمجنون يقتلان في حال قتالهما ، أما غيرهما من النساء والرهبان ونحوهم فإنهم يقتلون إذا قاتلوا بعد الأسر ، والمرأة الملكة تقتل وإن لم تقاتل ، وكذا الصبي الملك والمعتوه الملك ; لأن في قتل الملك كسر شوكتهم كذا في المرقاة ، قلت : في بعض كلام ابن الهمام هذا تأمل فتأمل .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن بريدة ورباح ويقال رياح بن الربيع ) قال الحافظ في الفتح : رياح بكسر الراء المهملة بعدها تحتانية ، وقال المنذري بالباء الموحدة ، ويقال بالياء التحتانية ، ورجح البخاري أنه بالموحدة ( والأسود بن سريع وابن عباس والصعب بن جثامة ) أما حديث بريدة فأخرجه مسلم ، وأما حديث رباح فأخرجه أحمد وأبو داود . وأما حديث الأسود بن سريع فأخرجه أحمد . وأما حديث ابن عباس فأخرجه أحمد وفيه : ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع . وأما حديث الصعب بن جثامة فأخرجه الترمذي في هذا الباب .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا النسائي .

                                                                                                          قوله : ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم إلخ ) قال الشوكاني : أحاديث الباب تدل على أنه لا يجوز قتل النساء والصبيان ، وإلى ذلك ذهب مالك والأوزاعي ، فلا يجوز ذلك عندهما بحال من الأحوال حتى لو تترس أهل الحرب بالنساء والصبيان أو تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز رميهم ولا تحريقهم ، وذهب الشافعي والكوفيون إلى الجمع بين الأحاديث المختلفة فقالوا : إذا قاتلت المرأة جاز قتلها ، وقال ابن حبيب من المالكية لا يجوز القصد إلى قتلها إذا قاتلت إلا إن باشرت القتل ، أو قصدت إليه : ويدل على ما رواهأبو داود في المراسيل عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة مقتولة يوم حنين فقال : " من قتل هذه " ؟ فقال رجل : أنا يا رسول الله غنمتها فأردفتها خلفي ، فلما رأت الهزيمة فينا أهوت إلى قائم سيفي لتقتلني فقتلتها ، [ ص: 160 ] فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصله الطبراني في الكبير وفيه حجاج بن أرطاة وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن يحيى الأنصاري . ونقل ابن بطال أنه اتفق الجميع على المنع من القصد إلى قتل النساء والولدان ، أما النساء فلضعفهن ، وأما الولدان فلقصورهم عن فعل الكفار ولما في استبقائهم جميعا من الانتفاع إما بالرق أو الفداء فيمن يجوز أن يفادى به انتهى ( ورخص بعض أهل العلم في البيات ) بفتح الموحدة هو الغارة بالليل ( وقتل النساء فيهم ) أي في الكفار ( والولدان ) عطف على النساء ( وهو قول أحمد وإسحاق رخصا في البيات ) . قال الحافظ في الفتح قال أحمد : لا بأس في البيات ولا أعلم أحدا كرهه انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية