الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله

                                                                                                          1533 حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عمر وهو يقول وأبي وأبي فقال ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فقال عمر فوالله ما حلفت به بعد ذلك ذاكرا ولا آثرا قال وفي الباب عن ثابت بن الضحاك وابن عباس وأبي هريرة وقتيلة وعبد الرحمن بن سمرة قال أبو عيسى حديثابن عمر حديث حسن صحيح قال أبو عيسى قال أبو عبيد معنى قوله ولا آثرا أي لم آثره عن غيري يقول لم أذكره عن غيري

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وهو يقول وأبي وأبي ) الواو للقسم ، يعني يقسم بأبيه ويقول : وأبي وأبي ( فقال ألا ) بالتخفيف للتنبيه ( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ) قال العلماء : السر في النهي عن الحلف بغير الله ، أن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه ، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده ، وظاهر الحديث ، تخصيص الحلف بالله خاصة ، لكن قد اتفق الفقهاء : على أن اليمين تنعقد بالله وذاته وصفاته العلية . واختلفوا في انعقادها ببعض الصفات وكان المراد بقوله بالله الذات لا خصوص لفظ الله ، وأما اليمين بغير ذلك فقد ثبت المنع فيها ، وهل المنع للتحريم ، قولان عند المالكية ، كذا قال ابن دقيق العيد ، والمشهور عندهم الكراهة ، والخلاف أيضا عند الحنابلة ، لكن المشهور عندهم التحريم ، وبه جزم الظاهرية وجمهور أصحابه على أنه للتنزيه ، كذا في الفتح ( ذاكرا ولا آثرا ) بالمد وكسر المثلثة ، أي حاكيا عن الغير ، أي ما حلفت بها ولا حكيت ذلك عن غيري . ويدل عليه ما وقع في رواية عقيل عن ابن شهاب عند مسلم : ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ولا تكلمت بها . وقد استشكل هذا التفسير لتصدير الكلام بحلفت ، والحاكي عن غيره لا يسمى حالفا . وأجيب باحتمال أن يكون العامل فيه محذوفا أي ولا ذكرتها آثرا عن غيري ، أو يكون ضمن حلفت معنى تكلمت ، ويقويه رواية عقيل .

                                                                                                          [ ص: 112 ] قوله : ( وفي الباب عن ثابت بن الضحاك وابن عباس وأبي هريرة وقتيلة وعبد الرحمن بن سمرة ) أما حديث ثابت بن الضحاك فأخرجه الشيخان . وأما حديث ابن عباس فلينظر من أخرجه ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي مرفوعا : " لا تحلفوا إلا بالله ، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون " . وأما حديث قتيلة وهي قتيلة بالمثناة والتصغير بنت صيفي الأنصارية أو الجهنية صحابية من المهاجرات ، فأخرجه أحمد والنسائي عنها أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنكم تنددون وإنكم تشركون ، تقولون ما شاء الله وشئت ، وتقولون : والكعبة ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا " ورب الكعبة " ، ويقول أحدهم " ما شاء الله ثم شئت " .

                                                                                                          قوله : ( وهذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( قال أبو عبيد ) هو إمام مشهور له تصانيف نافعة : منها غريب الحديث قال الحافظ : اسمه القاسم بن سلام البغدادي الإمام المشهور ثقة فاضل مصنف من العاشرة ، ولم أر له في الكتب حديثا مستندا بل من أقواله في شرح الغريب يقول ( لا آثره عن غيري ) أي لا أنقله عن غيري ، قال في الصراح : الأثر نقل كردن سخن ، ومنه حديث مأثور أي ينقله خلف عن سلف .




                                                                                                          الخدمات العلمية