الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 47 ] النوع الثامن : معرفة المقطوع

وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى . ويقال في جمعه : المقاطع والمقاطيع .

وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم .

قال الخطيب أبو بكر الحافظ في جامعه : " من الحديث : المقطوع " . وقال : " المقاطع هي الموقوفات على التابعين " .

[ والله أعلم ] .

قلت : وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الإمام الشافعي ، وأبي القاسم الطبراني ، وغيرهما ، والله أعلم .

تفريعات :

أحدها : قول الصحابي : " كنا نفعل كذا ، أو كنا نقول كذا " إن [ ص: 48 ] لم يضفه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من قبيل الموقوف ، وإن أضافه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالذي قطع به أبو عبد الله بن البيع الحافظ وغيره من أهل الحديث وغيرهم أن ذلك من قبيل المرفوع .

وبلغني عن أبي بكر البرقاني : أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي الإمام عن ذلك ، فأنكر كونه من المرفوع .

والأول هو الذي عليه الاعتماد ، لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك وقررهم عليه ، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة ، فإنها أنواع : منها أقواله صلى الله عليه وسلم ، ومنها أفعاله ، ومنها تقريره وسكوته عن الإنكار بعد اطلاعه .

ومن هذا القبيل قول الصحابي : " كنا لا نرى بأسا بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ، أو كان يقال كذا وكذا على عهده ، أو كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته صلى الله عليه وسلم " .

فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند ، مخرج في كتب المسانيد .

وذكر الحاكم أبو عبد الله - فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال : [ ص: 49 ] " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير " أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا - يعني مرفوعا - لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وليس بمسند ، بل هو موقوف .

وذكر الخطيب أيضا نحو ذلك في جامعه .

قلت : بل هو مرفوع كما سبق ذكره . وهو بأن يكون مرفوعا أحرى ، لكونه أحرى باطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه . والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع ، وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه . ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا ، بل هو موقوف لفظا ، وكذلك سائر ما سبق موقوف لفظا ، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية