الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 174 ] قالوا حديثان متناقضان .

        11 - الإبراد في الصلاة .

        قالوا : رويتم أن خباب بن الأرت قال : شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء فلم يشكنا يعني أنهم شكوا إليه شدة الحر وما ينالهم من الرمضاء ، وسألوه الإبراد بالصلاة فلم يشكهم ، أي لم يجبهم إلى تأخيرها .

        ثم رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فوح جهنم قالوا : وهذا اختلاف لا خفاء به وتناقض .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس هاهنا - بنعمة الله تعالى - اختلاف ولا تناقض . لأن أول الأوقات رضوان الله ، وآخر الأوقات عفو الله ، والعفو لا يكون إلا عن تقصير . فأول الأوقات أوكد أمرا وآخرها رخصة .

        وليس يجوز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ في نفسه إلا بأعلى الأمور وأقربها إلى الله تعالى ، [ ص: 175 ] وإنما يعمل في نفسه بالرخصة ، مرة أو مرتين ليدل بذلك الناس على جوازها . فأما أن يدوم على الأمر الأخس ويترك الأوكد والأفضل فذلك ما لا يجوز .

        فلما شكا إليه أصحابه الذين يصلون معه الرمضاء وأرادوا منه التأخير إلى أن يسكن الحر ، لم يجبهم إلى ذلك إذ كانوا معه ، ثم أمر بالإبراد من لم يحضره ، توسعة على أمته وتسهيلا عليهم ، وكذلك تغليسه بالفجر . وقوله أسفروا بالفجر .

        ومما يدل على أنه كان يصلي الظهر للزوال ولا يؤخرها حديث إسماعيل ابن علية عن عوف عن المنهال عن أبي برزة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الهجير التي يسمونها الأولى ، حين تدحض الشمس يعني حين تزول .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية