الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن لا تقطع الأيدي في الغزو

                                                                                                          1450 حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن جنادة بن أبي أمية عن بسر بن أرطاة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تقطع الأيدي في الغزو قال أبو عيسى هذا حديث غريب وقد روى غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا ويقال بسر بن أبي أرطاة أيضا والعمل على هذا عند بعض أهل العلم منهم الأوزاعي لا يرون أن يقام الحد في الغزو بحضرة العدو مخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو فإذا خرج الإمام من أرض الحرب ورجع إلى دار الإسلام أقام الحد على من أصابه كذلك قال الأوزاعي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2381 قوله : ( عن عياش بن عباس ) الأول بفتح العين المهملة والياء التحتية المشددة والثاني [ ص: 10 ] بالموحدة المشددة وبالسين المهملة قال الحافظ ثقة ( عن شييم ) بكسر أوله وفتح التحتانية وسكون مثلها بعدها ( بن بيتان ) بلفظ تثنية بيت القتباني المصري ثقة من الثالثة قاله الحافظ . وفي المغني شييم بكسر معجمة ويقال بضمها وفتح تحتية أولى وسكون الثانية ( عن جنادة ) بضم الجيم وفتح النون الخفيفة ( بن أبي أمية ) بضم الهمزة مصغرا الأزدي الشامي ومن ثقات التابعين ( عن بسر ) بضم الموحدة وسكون السين المهملة ( أرطاة ) بفتح الهمزة وسكون الراء ويقال ابن أبي أرطاة من صغار الصحابة .

                                                                                                          قوله : ( لا تقطع الأيدي في الغزو ) روى أحمد وأبو داود والنسائي عن بسر بن أرطاة أنه وجد رجلا يسرق في الغزو فجلده ولم يقطع يده ، وقال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القطع في الغزو . قال صاحب المنتقى وللترمذي منه المرفوع انتهى .

                                                                                                          وفي الباب عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( جاهدوا الناس في الله القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم ، وأقيموا الحدود في الحضر والسفر ) . رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه وسيأتي الجمع بين هذين الحديثين .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه أحمد وغيره كما عرفت آنفا ( وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا ) رواه أبو داود في سننه قال : حدثنا أحمد بن صالح أخبرنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح عن عياش بن عباس بإسناد الترمذي . قال الشوكاني رجال إسناد أبي داود ثقات إلى بسر ، قال : وفي إسناد النسائي بقية بن الوليد قال قال المنذري : واختلف في صحبة بسر بن أرطاة فقيل له صحبة وقيل لا وأن مولده قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنين وله أخبار مشهورة ، وكان يحيى بن معين لا يحسن الثناء عليه ، وهذا يدل على أنه عنده لا صحبة له ، وغمزه الدارقطني انتهى كلام المنذري . ونقل في الخلاصة عن ابن معين أنه قال : لا صحبة له وأنه رجل سوء ولي اليمن وله بها آثار قبيحة انتهى . ( وقال ) وفي بعض النسخ يقال وهو الظاهر ( بسر بن أبي أرطاة ) أي بزيادة لفظ أبي بين بسر وأرطاة .

                                                                                                          [ ص: 11 ] قوله : ( كذلك قال الأوزاعي ) قال العزيزي في شرح الجامع الصغير والجمهور على خلاف ما قال به الأوزاعي انتهى . وقال التوربشتي : ولعل الأوزاعي رأى فيه احتمال افتتان المقطوع بأن يلحق بدار الحرب أو رأى أنه إذا قطعت يده والأمير متوجه إلى الغزو ولم يتمكن من الدفع ولا يغني عنا فيترك إلى أن يقفل الجيش . قال القاضي : ولعله عليه الصلاة والسلام أراد به المنع من القطع فيما يؤخذ من المغانم انتهى . قال الشوكاني : ولا معارضة بين الحديثين يعني حديث بسر بن أرطاة وحديث عبادة بن الصامت المذكورين لأن حديث بسر أخص مطلقا من حديث عبادة فيبنى العام على الخاص ، وبيانه أن السفر المذكور في حديث عبادة أعم مطلقا من الغزو المذكور في حديث بسر ; لأن المسافر قد يكون غازيا وقد لا يكون . وأيضا حديث بسر في حد السرقة وحديث عبادة في عموم الحد انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية