الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في إقامة الحد على الإماء

                                                                                                          1440 حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثا بكتاب الله فإن عادت فليبعها ولو بحبل من شعر قال وفي الباب عن علي وأبي هريرة وزيد بن خالد وشبل عن عبد الله بن مالك الأوسي قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وقد روي عنه من غير وجه والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رأوا أن يقيم الرجل الحد على مملوكه دون السلطان وهو قول أحمد وإسحق قال بعضهم يرفع إلى السلطان ولا يقيم الحد هو بنفسه والقول الأول أصح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( ولو بحبل من شعر ) بفتح العين ويسكن أي : وإن كان ثمنها قليلا ، قال النووي : فيه ترك مخالطة الفساق وأهل المعاصي ، وهذا البيع المأمور به مستحب ، وقال أهل الظاهر : هو واجب ، وفيه جواز بيع الشيء الثمين بثمن حقير [ ص: 596 ] إذا كان البائع عالما ، وإن كان جاهلا ففيه خلاف لأصحاب مالك ، فإنهم لا يجوزونه خلافا للجمهور ، فإن قيل كيف يكره شيئا لنفسه ويرتضيه لأخيه المسلم ؟ فالجواب لعل الزانية تستعف عند المشتري بأن يعفها بنفسه ، أو يصونها لهيبته ، أو بالإحسان إليها والتوسعة عليها ، أو يزوجها ، أو غير ذلك . انتهى ملخصا .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن زيد بن خالد وشبل عن عبد الله بن مالك الأوسي ) تقدم في باب الرجم على الثيب . قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان . قوله : ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيرهم رأوا أن يقيم الرجل الحد على مملوكه دون السلطان ، وهو قول أحمد وإسحاق ) واحتجوا بأحاديث الباب ، قال الشوكاني : أحاديث الباب فيها دليل على أن السيد يقيم الحد على مملوكه ، وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف والشافعي ، وذهبت العترة إلى أن حد المماليك إلى الإمام إن كان ثم إمام ، وإلا كان إلى سيده ، وذهب مالك إلى أن الأمة إن كانت مزوجة كان أمر حدها إلى الإمام إلا أن يكون زوجها عبدا لسيدها ، فأمر حدها إلى السيد ، واستثنى مالك أيضا القطع في السرقة ، وهو وجه للشافعية ، وفي وجه لهم آخر يستثنى حد الشرب ، وروي عن الثوري والأوزاعي أنه لا يقيم السيد إلا حد الزنا ، وظاهر أحاديث الباب أنه يحد المملوك سيده من غير فرق بين أن يكون الإمام موجودا ، أو معدوما وبين أن يكون السيد صالحا لإقامة الحد أم لا ، وقال ابن حزم : يقيمه السيد إلا إذا كان كافرا ( وقال بعضهم يدفع إلى السلطان ، ولا يقيم الحد هو بنفسه ) وهو قول الحنفية ، وقد احتج من قال إنه لا يقيم الحدود مطلقا إلا الإمام بما رواه الطحاوي عن مسلم بن يسار أنه قال : كان رجل من الصحابة يقول : الزكاة والحدود والفيء والجمعة إلى السلطان ، قال الطحاوي : لا نعلم له مخالفا من الصحابة ، وتعقبه ابن حزم بأنه خالفه اثنا عشر صحابيا ، وظاهر أحاديث الباب أن الأمة والعبد يجلدان سواء كانا محصنين أم لا ، وقد أخرج البيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : أدركت بقايا الأنصار وهم يضربون الوليدة من ولائدهم في مجالسهم إذا زنت ، ورواه الشافعي عن ابن مسعود وأبي بردة ، وأخرجه أيضا البيهقي عن خارجة بن زيد عن أبيه ، وأخرجه أيضا عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهى إلى أقوالهم من أهل المدينة أنهم كانوا يقولون [ ص: 597 ] لا ينبغي لأحد يقيم شيئا من الحدود دون السلطان إلا أن للرجل أن يقيم حد الزنا على عبده وأمته ، وروى الشافعي عن ابن عمر أنه قطع يد عبده وجلد عبدا له زنى ، وأخرج مالك عن عائشة أنها قطعت يد عبد لها ، وأخرج أيضا أن حفصة قتلت جارية لها سحرتها ، وأخرج عبد الرزاق والشافعي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حدت جارية لها زنت . ( والقول الأول أصح ) لدلالة أحاديث الباب عليه .




                                                                                                          الخدمات العلمية