الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في دية الكفار

                                                                                                          1413 حدثنا عيسى بن أحمد حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقتل مسلم بكافر وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دية عقل الكافر نصف دية عقل المؤمن قال أبو عيسى حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن واختلف أهل العلم في دية اليهودي والنصراني فذهب بعض أهل العلم في دية اليهودي والنصراني إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال عمر بن عبد العزيز دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم وبهذا يقول أحمد بن حنبل وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمان مائة درهم وبهذا يقول مالك بن أنس والشافعي وإسحق وقال بعض أهل العلم دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا ابن وهب ) الظاهر أنه عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم المصري الفقيه ، ثقة حافظ . قوله : ( قال لا يقتل مسلم بكافر ) حربيا كان ، أو ذميا ، وهو مذهب الجمهور ، وهو الأصح كما عرفت . قوله : ( وبهذا الإسناد ) أي : الذي ذكره الترمذي بقوله : حدثنا عيسى بن أحمد إلخ .

                                                                                                          ( دية عقل الكافر نصف عقل المؤمن ) وفي رواية غير الترمذي عقل الكافر بحذف لفظ الدية ، وهو الظاهر فإن العقل هو الدية ، وفي لفظ قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين ، وهم اليهود والنصاري . رواه أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه ، وفي رواية : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان مائة دينار وثمانية آلاف درهم ، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلم ، قال : وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال : إن الإبل قد غلت قال ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر [ ص: 559 ] ألفا الحديث ، وفيه ترك أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية . قوله : ( حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن ) وأخرجه أحمد ، والنسائي ، وصححه ابن الجارود قوله : ( وبهذا يقول أحمد بن حنبل ) وحجته أحاديث الباب ( وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ) أي : من الدراهم ( ودية المجوسي ثمان مائة ) أي : من الدراهم . أخرج أثر عمر رضي الله عنه ، وهذا الشافعي والدارقطني عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يجعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف والمجوسي ثمان مائة ، كذا في المنتقى ، قال في النيل : وأثر عمر أخرجه أيضا البيهقي ، وأخرج ابن حزم في الإيصال من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " دية المجوسي ثمان مائة درهم " وأخرجه أيضا الطحاوي ، وابن عدي ، والبيهقي وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة ، وروى البيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه أنهما كانا يقولان : في دية المجوسي ثمانمائة درهم ، وفي إسناده ابن لهيعة ، وأخرج البيهقي أيضا عن عقبة بن عامر نحوه ، وفيه أيضا ابن لهيعة وروى نحو ذلك ابن عدي ، والبيهقي والطحاوي عن عثمان ، وفيه ابن لهيعة ( وبهذا يقول مالك والشافعي وإسحاق ) واستدلوا بأثر عمر المذكور وبما ذكرنا ( وقال بعض أهل العلم دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم ، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة ) وهو قول الحنفية ، واستدلوا بعموم قوله تعالى وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله قالوا إطلاق الدية يفيد أنها الدية المعهودة ، وهي دية المسلم ، ويجاب عنه أولا بمنع كون المعهود هاهنا هو دية المسلم لم لا يجوز أن يكون المراد بالدية المتعارفة بين المسلمين لأهل الذمة المعاهدين ، وثانيا بأن هذا الإطلاق مقيد بحديث الباب ، وقد استدلوا بأحاديث كلها ضعيفة لا تصلح للاحتجاج ذكرها الشوكاني في النيل وبين عللها ، ثم قال : ومع هذه العلل فهذه الأحاديث معارضة بحديث الباب ، وهو أرجح منها من جهة صحته ، وكونه قولا وهذه فعلا والقول أرجح من الفعل . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية