الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1125 - اختلاف أبي بكر وربيعة - رضي الله عنهما - في عذق نخلة

                                                                                            2772 - حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء - في رجب سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة - ثنا علي بن حمشاذ العدل ، ثنا هشام بن علي السدوسي ، ومحمد بن إسحاق ، قالا : ثنا عفان بن مسلم ، ثنا المبارك بن فضالة ، عن أبي عمران الجوني ، عن ربيعة بن كعب الأسلمي ، قال : كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال لي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " يا ربيعة ، ألا تتزوج ؟ " قال : فقلت : لا والله يا رسول الله ، ما أريد أن أتزوج ، ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء ، قال : فأعرض عني ، قال : ثم راجعت نفسي فقلت : والله يا رسول الله أنت أعلم بما يصلحني في الدنيا والآخرة ، قال : وأنا أقول في نفسي : لئن قال لي الثالثة لأقولن : نعم ، قال : فقال لي الثالثة : " يا ربيعة ألا تتزوج ؟ " قال : فقلت : بلى يا رسول الله ، مرني بما شئت أو بما أحببت قال : " انطلق إلى آل فلان ، إلى حي من الأنصار ، فيهم تراخ عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقل لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقرئكم السلام ، ويأمركم أن تزوجوا ربيعة فلانة - امرأة منهم - " ، قال : فأتيتهم فقلت لهم ذلك قالوا : مرحبا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبرسول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والله لا يرجع رسول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا بحاجته ، قال : فأكرموني وزوجوني وألطفوني ، ولم يسألوني البينة ، فرجعت حزينا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " ما بالك ؟ " فقلت : يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني [ ص: 526 ] وأكرموني وألطفوني ولم يسألوني البينة ، فمن أين لي الصداق ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لبريدة الأسلمي : " يا بريدة ، اجمعوا له وزن نواة من ذهب " . قال : فجمعوا له وزن نواة من ذهب قال : فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " اذهب بهذا إليهم ، وقل هذا صداقها " ، فذهبت به إليهم ، فقلت : هذا صداقها ، قال : فقالوا : كثير طيب ، فقبلوا ورضوا به ، قال : فقلت : من أين أولم ؟ قال : فقال : " يا بريدة اجمعوا له في شاة " ، قال : فجمعوا له في كبش فطيم سمين ، قال : وقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " اذهب إلى عائشة فقل : انظري إلى المكتل الذي فيه الطعام فابعثي به " ، قال : فأتيت عائشة - رضي الله عنها - فقلت لها ذلك ، فقالت : ها هو ذاك المكتل فيه سبعة آصع من شعير ، ووالله إن أصبح لنا طعام غيره ، قال : فأخذته فجئت به إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : " اذهب بها إليهم فقل : ليصلح هذا عندكم خبزا " ، قال : فذهبت به وبالكبش ، قال : فقبلوا الطعام ، وقالوا : اكفونا أنتم الكبش ، قال : وجاء ناس من أسلم فذبحوا ، وسلخوا وطبخوا ، قال : فأصبح عندنا خبز ولحم ، فأولمت ، ودعوت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، قال : وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أرضا ، وأعطى أبا بكر أرضا ، فاختلفنا في عذق نخلة ، قال : وجاءت الدنيا ، فقال أبو بكر : هذه في حدي وقلت : لا بل هي في حدي . قال : فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها ، وندم عليها ، قال : فقال لي : يا ربيعة قل لي مثل ما قلت لك ، حتى تكون قصاصا ، قال : فقلت : لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا ، قال : والله لتقولن لي كما قلت لك ، حتى تكون قصاصا ، وإلا استعديت برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - . قال : فقلت : لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا ، قال : فرفض أبو بكر الأرض ، وأتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجعلت أتلوه ، فقال أناس من أسلم : يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال ، ويستعدي عليك ، قال : فقلت : أتدرون من هذا ؟ هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين ، هذا ذو شيبة المسلمين ، إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه ، فيغضب فيأتي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيغضب لغضبه ، فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة ، قال : فرجعوا عني ، وانطلقت أتلوه حتى أتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقص عليه الذي كان ، قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " يا ربيعة ما لك والصديق ؟ " قال : فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا ، فقال لي : قل : مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " أجل ، فلا تقل له مثل ما قال ، ولكن قل : يغفر الله لك يا أبا بكر " . قال : فولى الصديق - رضي الله عنه - وهو يبكي .

                                                                                            هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية