الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 648 ] ثم دخلت سنة ثلاث وستين وسبعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      استهلت هذه السنة وسلطان الديار المصرية ، والشامية ، والحرمين الشريفين ، وما والاهما من الممالك الإسلامية - السلطان الملك المنصور صلاح الدين محمد ابن الملك المظفر أمير حاج ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون ، وهو شاب دون العشرين ، ومدبر الممالك بين يديه الأمير يلبغا ، ونائب الديار المصرية قشتمر ، وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها ، والوزير سيف الدين قروينة ، وهو مريض مدنف ، ونائب الشام بدمشق الأمير علاء الدين المارداني ، وقضاته هم المذكورون في التي قبلها ، وكذلك الخطيب ، ووكيل بيت المال ، والمحتسب علاء الدين الأنصاري ، عاد إليها في السنة المنفصلة ، وحاجب الحجاب قماري ، والذي يليه السليماني ، وآخر من مصر أيضا ، وكاتب السر القاضي ناصر الدين محمد بن يعقوب الحلبي ، وناظر الجامع القاضي تقي الدين بن مراجل . وأخبرني قاضي القضاة تاج الدين الشافعي أنه [ ص: 649 ] جدد في أول هذه السنة قاض حنفي بمدينة صفد المحروسة مع الشافعي ، فصار في كل من حماة وطرابلس وصفد قاضيان; شافعي ، وحنفي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ثاني المحرم قدم نائب السلطنة بعد غيبة نحو من خمسة عشر يوما ، وقد أوطأ بلاد قرير بالرعب ، وأخذ من مقدميهم طائفة فأودعهم الحبس ، وكان قد اشتهر أنه قصد العشيرات المواسين ببلاد عجلون ، فسألته عن ذلك حين سلمت عليه ، فأخبرني أنه لم يتعد ناحية قرير ، وأن العشيرات قد اصطلحوا ، واتفقوا ، وأن التجريدة عندهم هناك ، وقد كبس الأعراب من حرم الترك فهزمهم الترك ، وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، ثم ظهر للعرب كمين فلجأ الترك إلى واد حرج فحصروهم هنالك ، ثم ولت الأعراب فرارا ، ولم يقتل من الترك أحد ، وإنما جرح منهم أمير واحد فقط ، وقتل من الأعراب فوق الخمسين نفسا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقدم الحجاج يوم الأحد الثاني والعشرين من المحرم ، ودخل المحمل السلطاني ليلة الاثنين بعد العشاء ، ولم يحتفل لدخوله كما جرت به العادة; وذلك لشدة ما نال الركب في الرجعة من زيزاء إلى هنا من البرد الشديد ، بحيث إنه قد قيل : إنه مات منهم بسبب ذلك نحو المائة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولكن أخبروا برخص كثير ، وأمن ، وبموت ثقبة أخي عجلان صاحب مكة ، وقد استبشر بموته [ ص: 650 ] أهل تلك البلاد لبغيه على أخيه عجلان العادل فيهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية