الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده

                                                                                                          1358 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة حدثنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن عمته عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم قال وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى بعضهم هذا عن عمارة بن عمير عن أمه عن عائشة وأكثرهم قالوا عن عمته عن عائشة والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا إن يد الوالد مبسوطة في مال ولده يأخذ ما شاء وقال بعضهم لا يأخذ من ماله إلا عند الحاجة إليه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عمارة ) بضم المهملة وخفة الميم المفتوحة ( بن عمير ) بالتصغير التيمي كوفي ثقة ثبت من الرابعة ( عن عمته ) لا تعرف ، قال ابن حبان ، وسيأتي كلامه ( إن أطيب ما أكلتم ) أي : أحله وأهنأه ( من كسبكم ) أي : مما كسبتموه من غير واسطة لقربه للتوكل وكذا بواسطة أولادكم كما بينه بقوله : ( وإن أولادكم من كسبكم ) ؛ لأن ولد الرجل بعضه وحكم بعضه حكم نفسه ، وسمي الولد كسبا مجازا ، قاله المناوي : وفي رواية عند أحمد أن ولد الرجل من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم هنيئا ، وفي حديث جابر : أنت ، ومالك لأبيك ، قال ابن رسلان : اللام للإباحة لا للتمليك ؛ لأن مال الولد له وزكاته عليه ، وهو موروث عنه . انتهى . قوله : ( وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو ) أما حديث جابر فأخرجه عنه ابن ماجه بلفظ : أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال : أنت ، ومالك لأبيك قال ابن القطان : إسناده صحيح ، وقال المنذري : رجاله ثقات ، وقال الدارقطني : تفرد به عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ، كذا في النيل ، وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أحمد ، وأبو داود بلفظ : أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي يريد أن يجتاح مالي . فقال : أنت ، ومالك لوالدك . الحديث ، وأخرجه أيضا ابن خزيمة ، وابن الجارود ، وفي الباب أيضا عن سمرة عند البزار وعن عمر عند البزار أيضا وعن ابن مسعود عند الطبراني وعن ابن عمر عند أبي يعلى . قوله : ( هذا حديث حسن ) أخرجه الخمسة ، كذا في المنتقى . [ ص: 494 ] ، وقال الشوكاني : أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه والحاكم ولفظ أحمد ( يعني : لفظه الذي ذكرناه ) أخرجه أيضا الحاكم ، وصححه أبو حاتم وأبو زرعة ، وأعله ابن القطان بأنه عن عمارة عن عمته ، وتارة عن أمه وكلتاهما لا يعرفان . انتهى . قوله : ( قالوا إن يد الوالد مبسوطة في مال ولده يأخذه ما شاء ) واستدلوا على ذلك بأحاديث الباب ، قال الشوكاني : وبمجموع هذه الطرق ينتهض للاحتجاج . فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله فيجوز له الأكل منه سواء أذن الولد ، أو لم يأذن ، ويجوز له أيضا أن يتصرف به كما يتصرف بماله ما لم يكن ذلك على وجه السرف والسفه ، وقد حكى في البحر الإجماع على أنه يجب على الولد الموسر مؤنة الأبوين المعسرين . انتهى . ( وقال بعضهم لا يأخذ من ماله إلا عند الحاجة إليه ) قال ابن الهمام بعد ذكر حديث عائشة المذكور : فإن قيل هذا يقتضي أن له ملكا ناجزا في ماله . قلنا نعم لو لم يقيده حديث رواه الحاكم ، وصححه ، والبيهقي عنها مرفوعا إن أولادكم هبة يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ، وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ومما يقع بأن الحديث يعني : أنت ومالك لأبيك ما أول أنه تعالى ورث الأب من ابنه السدس مع ولد ولده ، فلو كان الكل ملكه لم يكن لغيره شيء مع وجوده . انتهى . قلت : قال الحافظ في التلخيص : قال أبو داود في هذه الزيادة ، وهي : إذا احتجتم إليها إنها منكرة ونقل عن ابن المبارك عن سفيان قال : حدثنا به حماد ووهم فيه . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية