الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم أشار إلى شرط جواز التيمم وأنه أحد أمور أربعة فأشار للأول بقوله ( إن عدموا ) أي المريض والمسافر والحاضر الصحيح ( ماء ) مباحا ( كافيا ) بأن لم يجدوا ماء أصلا أو وجدوا ماء غير كاف أو غير مباح كمسبل للشرب فقط أو مملوكا للغير وللثاني بقوله ( أو ) لم يعدموا ولكن ( خافوا ) أي الثلاثة المتقدمة ( باستعماله مرضا ) بأن يخاف المريض حدوث مرض آخر من نزلة وحمى أو نحوه واستند في خوفه إلى سبب كتجربة في نفسه أو في غيره وكان موافقا له في المزاج أو خبر عارف بالطب لعدم القدرة على استعمال الماء ( أو ) خاف مريض ( زيادته ) في الشدة ( أو ) خاف ( تأخر برء ) أي زيادة في الزمن فزيادته مفعول لفعل محذوف والجملة معطوفة على الجملة وليس معطوفا على مرضا والمراد بالخوف ما يشمل الظن لا الشك والوهم وأشار إلى الثالث بقوله ( أو ) خاف مريد الصلاة الذي معه الماء باستعماله ( عطش محترم ) من آدمي معصوم أو دابة أو كلب مأذون في اتخاذه ( معه ) وأحرى عطش نفسه أي ولم يتلبس بالعطش بأن خاف حصوله في المآل [ ص: 150 ] كما يدل عليه عطفه على معمول خافوا والمراد بالخوف حينئذ العلم والظن فقط على الراجح كما مر .

التالي السابق


( قوله : إن عدموا ) أي الثلاثة وهم المريض والمسافر والحاضر الصحيح ماء كافيا أي مع قدرتهم على استعماله لو وجدوه وقوله إن عدموا إلخ أي جزما أو ظنا أو شكا أو وهما كما يفيده كلام المصنف الآتي قاله عج وقوله : أو خافوا أي المسافر والصحيح وجمع باعتبار الأفراد وقوله أو زيادته أي أو خاف المريض باستعماله زيادته أو تأخر برء فالضمير الأول عائد على ثلاثة والثاني على اثنين والثالث على واحد كذا قرر خش وطفى وهذا التقرير مبني على أن قوله أو زيادته عطف على قوله مرضا وسيأتي للشارح خلافه وأنه معمول لمحذوف وأنه من عطف الجمل وهو أحسن ويصح عود الضمير في خافوا للثلاثة أيضا كالأول كما قال الشارح أما عوده للمسافر والصحيح فظاهر وأما عوده للمريض فالمراد أنه خاف حدوث مرض آخر غير الحاصل عنده ( قوله : كافيا ) أي أعضاء الوضوء الواجبة وهي القرآنية بالنسبة للوضوء ولجميع بدنه بالنسبة لغسل الجنابة ولو كفى وضوءه ( قوله : أو غير مباح ) أي أو وجدوا ماء كافيا لكنه غير مباح ( قوله : من نزلة ) بفتح النون كما قال شيخنا ( قوله : أو خبر عارف ) إلخ عطف على سبب أي أو استند في خوفه إلى خبر عارف بالطب ولو كافرا عند عدم المسلم العارف به كما قال شيخنا ( قوله : لعدم القدرة إلخ ) علة لتيمم الثلاثة إذا خافوا باستعمال الماء مرضا مع كونه موجودا ( قوله : والجملة ) أي وهي قوله أو خاف مريض زيادته وقوله : معطوفة على الجملة أي وهي قوله أو خافوا باستعماله مرضا ( قوله : وليس معطوفا ) أي ليس قوله أو زيادته معطوفا على مرضا وذلك لأن ضمير خافوا عائد على الثلاثة والمسافر والحاضر الصحيح لا يخافوا زيادة المرض إذ لا مرض عندهم ( قوله : والمراد بالخوف ) أي بخوف المرض وخوف زيادته وخوف تأخر البرء ( قوله : أو خاف مريد الصلاة الذي معه الماء ) أي ويقدر على استعماله سواء كان حاضرا صحيحا أو مريضا أو مسافرا ( قوله : عطش محترم ) مثل العطش ضرورة العجن والطبخ قالوا فإن أمكن الجمع بقضاء الوطر بماء الوضوء فعل قاله في مج ( قوله : من آدمي معصوم ) أي بالنسبة له وإن كان غير معصوم بالنسبة لغيره وقوله : أو دابة أي مملوكة له أو لغيره وهذا بيان للمحترم وخرج بالمحترم غيره كالكلب الغير المأذون في اتخاذه والخنزير فلا يتيمم ويدفع الماء لهما بل يعجل قتلهما فإن عجز عنه سقاهما وتيمم ومثلهما الجاني إذا ثبت عند الحاكم جنايته وحكم بقتله قصاصا فلا يدفع الماء إليه ويتيمم صاحبه بل يعجل بقتله فإن عجز عنه دفع الماء له [ ص: 150 ] ولا يعذب بالعطش وليس كجهاد الكفار فإنهم جوزوه بقطع الماء عليهم ليغرقوا أو عنهم ليهلكوا بالعطش والدب والقرد من قبيل المحترم وإن كان في القرد قول بحرمة أكله فإن كان في الرفقة زان محصن أو مستحق للقصاص منه لقتله فإن وجد صاحب الماء حاكما سلمه إليه وإلا أعطاه الماء وتيمم ( قوله : كما يدل عليه إلخ ) أي وذلك لأن عطفه على معمول خافوا يقتضي تسلط الخوف عليه والخوف غم لما يستقبل




الخدمات العلمية