الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الملامسة والمنابذة

                                                                                                          1310 حدثنا أبو كريب ومحمود بن غيلان قالا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المنابذة والملامسة قال وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث أن يقول إذا نبذت إليك الشيء فقد وجب البيع بيني وبينك والملامسة أن يقول إذا لمست الشيء فقد وجب البيع وإن كان لا يرى منه شيئا مثل ما يكون في الجراب أو غير ذلك وإنما كان هذا من بيوع أهل الجاهلية فنهى عن ذلك [ ص: 447 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 447 ] قوله : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المنابذة والملامسة ) زاد مسلم أما الملامسة فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل ، والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه . قوله : ( وفي الباب عن أبي سعيد ) قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة في البيع ، والملامسة : لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل ، أو النهار ، ولا يقلبه والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر بثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ، ولا تراض . ( وابن عمر رضي الله عنه ) لم أقف على حديثه . قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ، ومسلم . قوله : ( ومعنى هذا الحديث أن يقول : إذا نبذت إلخ ) قال الحافظ في الفتح : واختلف العلماء في تفسير الملامسة على ثلاث صور هي أوجه للشافعية : أصحها - أن يأتي بثوب مطوي ، أو في ظلمة فيمسه المستام فيقول له صاحب الثوب بعتكه بكذا بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك ، ولا خيار لك إذا رأيته ، وهذا موافق للتفسير المذكور في الحديث . الثاني - أن يجعلا نفس اللمس بيعا بغير صيغة زائدة . الثالث - أن يجعلا اللمس شرطا في قطع خيار المجلس ، وغيره ، والبيع على التأويلات كلها باطل ، قال وأما المنابذة فاختلفوا أيضا على ثلاثة أقوال ، وهي أوجه للشافعية : أصحها - أن يجعلا نفس النبذ بيعا كما تقدم في الملامسة ، وهو الموافق للتفسير في الحديث ، والثاني - أن يجعلا النبذ بيعا بغير صيغة ، والثالث - أن يجعلا النبذ قاطعا للخيار ، قال : واختلفوا في تفسير النبذ فقيل : هو طرح الثوب كما وقع تفسيره في الحديث المذكور ، وقيل هو نبذ الحصاة . الصحيح أنه غيره . انتهى كلام الحافظ ملخصا . قوله : ( وإن كان لا يرى ) الواو وصلية ( منه ) أي : من الشيء المبيع ( مثل ما يكون في الجراب ) أي : مثل المبيع الذي يكون في الجراب ، وهو بفتح الجيم ، وكسرها بالفارسية انبان على ما في الصراح ، وقاله في القاموس : الجراب بالكسر ، ولا [ ص: 448 ] يفتح ، أو لغة فيما حكاه عياض ، وغيره المزود والوعاء ج جرب وأجربة . انتهى . ( فنهى عن ذلك ) والعلة في النهي عنه الغرر والجهالة وإبطال خيار المجلس .




                                                                                                          الخدمات العلمية