الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
حرصه على العلم

[فصل]

ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصا على التعلم ، مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق؛ مخافة من الملل، وضياع ما حصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.

وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه، ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك؛ بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره.

وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه، بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه، أو ينصرف، والصبر أولى كما كان ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره يفعلون.

وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ ، والنشاط، وقوة البدن، ونباهة الخاطر، وقلة الشاغلات، قبل عوارض البطالة، وارتفاع المنزلة؛ فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: تفقهوا قبل أن تسودوا .

[ ص: 51 ] معناه: اجتهدوا في كمال أهليتكم وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة؛ فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم؛ لارتفاع منزلتكم، وكثرة شغلكم.

وهذا معنى قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه -: تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه.

التالي السابق


الخدمات العلمية