الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( إن اشتبه الماء الطاهر بالماء النجس على أعمى ففيه قولان : قال في حرملة : لا يتحرى ( لأن عليه أمارات تتعلق بالبصر ، فهو كالقبلة ) ، وقال في الأم : يتحرى ( لأن له طريقا إلى إدراكه بالسمع والشم فيتحرى فيه ) كما يتحرى في وقت الصلاة ، فإن قلنا يتحرى فلم يكن له دلالة على الأغلب عنده فوجهان : ( أحدهما ) لا يقلد لأن من جاز له الاجتهاد في شيء لا يقلد فيه غيره كالبصير ، ( والثاني ) يقلد وهو ظاهر نصه في الأم لأن أمارته تتعلق بالبصير وغيره ، فإذا لم يغلب على ظنه دل على أن أماراته تعلقت بالبصر فصار كالأعمى في القبلة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : اتفقوا على أن الأعمى يجتهد في أوقات الصلاة ولا يجتهد في القبلة وفي الأواني قولان ، الصحيح منهما عند الأصحاب جواز الاجتهاد وقطع به جماعات منهم الفوراني والماوردي والمحاملي في المقنع والغزالي في الوجيز وغيرهم . وقال الشيخ أبو حامد في التعليق قال أصحابنا : البصير والأعمى في الأواني سواء ، ولم يذكر فيه خلافا ، وشذ عن الأصحاب أبو العباس الجرجاني فقطع في كتابيه التحرير والبلغة بأنه لا يتحرى ، وهذا شاذ متروك نبهت عليه لئلا يغتر به . [ ص: 249 ] فإن قلنا يجتهد فاجتهد فلم يظهر له شيء فوجهان ، ذكر المصنف دليلهما أصحهما له التقليد وهو ظاهر نصه في الأم ، والثاني لا ، فإن قلنا : لا يقلد أو قلنا يقلد . فلم يجد من يقلده أو وجد بصيرا وقلده فتحير البصير أيضا قال ابن الصباغ قال الشافعي : لا يتيمم ، ولكن يخمن أكثر ما يقدر عليه ويتوضأ ويصلي ، ولم يذكر الإعادة ، قال القاضي أبو الطيب : عندي تجب الإعادة لأنه لم تثبت طهارة الماء عنده بأمارة . وقال الشيخ أبو حامد : يتيمم ويصلي ويعيد لأنه لم يعلم طهارة الماء ولا ظنها ، قال ابن الصباغ : قول القاضي موافق للنص وقول الشيخ أبي حامد أقيس قال : فإن قيل فالأصل الطهارة فالجواب أن يقين النجاسة في أحدهما منع العمل بالأصل بدليل وجوب التحري . هذا كلام ابن الصباغ ، وقول الشيخ أبي حامد هو الصحيح الجاري على قاعدة المذهب وعلى الأصول ، والنص يتأول على من ظن طهارته بعلامة أو على غير ذلك والله أعلم . وقول المصنف ( لم يكن دلالة ) هو بفتح الدال وكسرها لغتان مشهورتان ويقال : دلولة بضم الدال حكاها الجوهري وهي العلامة .




                                      الخدمات العلمية