الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح باب ما جاء في الخطبة

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه [ ص: 187 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 187 ] 28 - كتاب النكاح

                                                                                                          هو لغة الضم والتداخل ، وقال المطرزي والأزهري ، هو الوطء حقيقة ومنه قول الفرزدق :


                                                                                                          إذا سقى الله قوما صوب غادية فلا سقى الله أرض الكوفة المطرا




                                                                                                          التاركين على طهر نساءهمو والناكحين بشطي دجلة البقرا



                                                                                                          وهو مجاز في العقد لأن العقد فيه ضم والنكاح هو الضم حقيقة ، قال :


                                                                                                          ضممت إلى صدري معطر صدرها كما نكحت أم الغلام صبيها



                                                                                                          أي كما ضمت أو لأنه سببه فجازت الاستعارة لذلك ، وقال بعضهم : أصله لزوم شيء لشيء مستعليا عليه ، ويكون في المحسوس والمعاني ، قالوا : نكح المطر الأرض ، ونكح النعاس العين ، وتنكحت القمح في الأرض إذا حرثتها وبذرته فيها ، ونكحت الحصاة أخفاف الإبل .

                                                                                                          قال المتنبي :


                                                                                                          أنكحت صم حصاها خف يعملة تغشمرت بي إليك السهل والجبلا



                                                                                                          واليعملة بفتح الياء الناقة المطبوعة على العمل ، والتغشمر بغين معجمة الأخذ قهرا .

                                                                                                          وقال الفراء : العرب تقول نكح المرأة بضم النون بضعها ، وهي كناية عن الفرج ، فإذا قالوا نكحها أرادوا أصاب نكحها أي فرجها .

                                                                                                          وقال ابن جني : سألت أبا علي الفارسي عن قولهم نكحها فقال : فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء ، إذا قالوا : نكح فلان فلانة أو بنت فلان أو أخته أرادوا تزوجها وعقد عليها .

                                                                                                          وإذا قالوا : نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا المجامعة لأن بذكر المرأة أو الزوجة يستغنى عن العقد ، قال الأبي : وهذا يرجع إلى أنه مشترك ويتعين المقصود بالقرائن التي ذكر الفارسي .

                                                                                                          وفي حقيقته عند الفقهاء ثلاثة أوجه : أحدها أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء واحتج له بكثرة وروده في الكتاب والسنة للعقد حتى قيل لم يرد في القرآن إلا للعقد ولا يرد مثل قوله تعالى : حتى تنكح زوجا غيره [ سورة البقرة : الآية 230 ] لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسنة وإلا فلا بد من العقد ; لأن معنى تنكح تتزوج أي يعقد عليها ، ومفهومه أن ذلك كاف بمجرده ، [ ص: 188 ] لكن بينت السنة أنه لا بد من العقد من ذوق العسيلة .

                                                                                                          قال ابن فارس : لم يرد النكاح في القرآن إلا للتزويج إلا قوله تعالى : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح [ سورة النساء : الآية 6 ] فإن المراد به الحلم .

                                                                                                          والثاني : أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد .

                                                                                                          والثالث : حقيقة فيهما بالاشتراك ويتعين المقصود بالقرينة كما مر عن أبي علي ، وذكر ابن القطاع للنكاح أكثر من ألف اسم ، وفوائده كثيرة منها أنه سبب لوجود النوع الإنساني وقضاء الوطر بنيل اللذة والتمتع بالنعمة وهذه هي الفائدة التي في الجنة إذ لا تناسل فيها ، ومنها غض البصر وكف الناس عن الحرام إلى غير ذلك .

                                                                                                          1 - باب ما جاء في الخطبة .

                                                                                                          بكسر الخاء المعجمة التماس النكاح .

                                                                                                          1111 1089 - ( مالك عن محمد بن يحيى بن حبان ) بفتح المهملة وشد الموحدة ، ابن منقذ بالقاف والمعجمة الأنصاري المدني ، ثقة فقيه مات سنة إحدى وعشرين ومائة وهو ابن أربع وسبعين سنة ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ) برفع يخطب خبر بمعنى النهي وهو أبلغ من صريح النهي ، قال عياض وغيره : المنع إنما هو بعد الركون لحديث فاطمة بنت قيس حين أخبرت أنه خطبها ثلاثة فلم ينكر دخول بعضهم على بعض ، ويأتي تفسير الركون قال الخطابي : وفي قوله " أخيه " دليل أن الأول مسلم ، فإن كان يهوديا أو نصرانيا لم يمنع ، وإليه ذهب الأوزاعي والجمهور على خلافه ، وأجابوا بأن ذكر الأخ جرى على الغالب ولأنه أسرع امتثالا ، والمعنى في ذلك ما فيه من الإيذاء والتقاطع .




                                                                                                          الخدمات العلمية