الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الثامن عشر : أن يكون أحد الحديثين اختلفت الرواية فيه والثاني لم تختلف ، فيقدم الحديث الذي لم تختلف الرواية فيه ، نحو ما رواه أنس بن مالك في باب الزكاة في صدقة الإبل إذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، وهو حديث صحيح مخرج في الصحاح من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس ، ورواه عن ثمامة ابنه عبد الله وحماد بن سلمة ، ورواه عنهما جماعة ، وكلهم قد اتفقوا على هذا الحكم من غير اختلاف بينهم .

وروى عاصم بن ضمرة ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في الإبل إذا زادت على عشرين ومائة قال : ترد الفرائض إلى أولها فإذا كثرت [ ص: 71 ] الإبل ففي كل خمسين حقة . كذا رواه سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ، ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي - رضي الله عنه - قال : إذا زادت الإبل عن عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين ابنة لبون . فهذه الرواية موافقة لحديث أنس بن مالك ، والرواية الأولى تخالفه ، وحديث أنس لم تختلف الرواية فيه ، وحديث علي اختلفت الرواية فيه كما ترى ، فالمصير إلى حديث أنس أولى للمعنى الذي ذكرناه ، على أن كثيرا من الحفاظ أحالوا في حديث علي - رضي الله عنه - بالغلط على عاصم .

وإذا تقابلت حجتان فيكون لإحداهما معارض وليس للأخرى ذلك ، فما سلمت تكون أولى كالبينات إذا تقابلت ، فما وجد لها معارض سقطت ، وما سلمت من المعارضة ثبتت ، كذلك هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية