الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 154 ] قالوا حديث يخالف كتاب الله تعالى .

        5 - رجم الزاني .

        قالوا : رويتم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل أن رجلا قام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله نشدتك بالله إلا قضيت بيننا بكتاب الله تعالى ، فقام خصمه - وكان أفقه منه - فقال : صدق ، اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي . فقال : قل ، قال : إن ابني كان عسيفا على هذا ، فزنى بامرأته ، فافتديت منه بمائة شاة وخادم ، ثم سألت رجالا من أهل [ ص: 155 ] العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وعلى امرأة هذا الرجم . فقال : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله : المائة شاة والخادم رد عليك ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام وعلى امرأة هذا الرجم ، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها . فغدا عليها ، فاعترفت فرجمها .

        قال أبو محمد : هكذا حدثنيه محمد بن عبيد عن ابن عيينة قالوا : وهذا خلاف كتاب الله - عز وجل - لأنه سأله أن يقضي بينهما بكتاب الله تعالى ، فقال له : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ثم قضى بالرجم والتغريب ، وليس للرجم والتغريب ذكر في كتاب الله تعالى ، وليس يخلو هذا الحديث من أن يكون باطلا أو يكون حقا وقد نقص من كتاب الله تعالى ذكر الرجم والتغريب .

        قال أبو محمد : ونحن نقول إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرد بقوله : لأقضين بينكما بكتاب الله هاهنا القرآن ، وإنما أراد : لأقضين بينكما بحكم الله تعالى ، والكتاب يتصرف على وجوه منها الحكم والفرض ، كقول الله - عز وجل - : كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أي فرض عليكم ، وقال : كتب عليكم القصاص أي فرض عليكم ، [ ص: 156 ] وقال : وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال أي فرضت ، وقال تعالى : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس أي : حكمنا وفرضنا .

        وقال النابغة الجعدي :


        ومال الولاء بالبلاء فملتم وما ذاك قال الله إذ هو يكتب

        أراد مالت القرابة بأحسابنا إليكم وما ذاك أوجب الله إذ هو يحكم .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية