الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم .

سورة المؤمنين .

ويقال : ( سورة المؤمنون ) .

فالأول على اعتبار إضافة السورة إلى المؤمنين لافتتاحها بالإخبار عنهم بأنهم أفلحوا . ووردت تسميتها بمثل هذا فيما رواه النسائي : عن عبد الله بن السائب قال : حضرت رسول الله يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة فخلع نعليه فوضعهما عن يساره فافتتح سورة المؤمنين فلما جاء ذكر موسى أو عيسى أخذته سعلة فركع .

والثاني على حكاية لفظ ( المؤمنون ) الواقع أولها في قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون فجعل ذلك اللفظ تعريفا للسورة .

وقد وردت تسمية هذه السورة ( سورة المؤمنين ) في السنة . روى أبو داود : عن عبد الله بن السائب قال : صلى بنا رسول الله الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر موسى وعيسى أخذت النبيء سعلة فحذف فركع .

ومما جرى على الألسنة أن يسموها سورة ( قد أفلح ) . ووقع ذلك في كتاب الجامع من العتبية في سماع ابن القاسم . قال ابن القاسم : أخرج لنا مالك مصحفا لجده فتحدثنا أنه كتبه على عهد عثمان بن عفان وغاشيته من كسوة الكعبة فوجدنا . . إلى أن قال . . وفي ( قد أفلح ) كلها الثلاث لله أي : خلافا لقراءة : ( سيقولون الله ) . ويسمونها أيضا ( سورة الفلاح ) .

وهي مكية بالاتفاق . ولا اعتداد بتوقف من توقف في ذلك بأن الآية التي ذكرت فيها الزكاة وهي قوله : والذين هم للزكاة فاعلون تعين أنها [ ص: 6 ] مدنية ; لأن الزكاة فرضت في المدينة . فالزكاة المذكورة فيها هي : الصدقة لا زكاة النصب المعينة في الأموال . وإطلاق الزكاة على الصدقة مشهور في القرآن . قال تعالى : وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهي من سورة مكية بالاتفاق ، وقال : واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ولم تكن زكاة النصب مشروعة في زمن إسماعيل .

وهي السورة السادسة والسبعون في عداد نزول سور القرآن نزلت بعد سورة ( الطور ) وقبل سورة تبارك الذي بيده الملك .

وآياتها مائة وسبع عشرة في عد الجمهور . وعدها أهل الكوفة مائة وثمان عشرة ، فالجمهور عدوا أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون آية ، وأهل الكوفة عدوا أولئك هم الوارثون آية وما بعدها آية أخرى ، كما يؤخذ من كلام أبي بكر بن العربي في العارضة في الحديث الذي سنذكره عقب تفسير قوله تعالى : أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون .

التالي السابق


الخدمات العلمية