الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام

                                                                                                          120 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ قال وفي الباب عن عمار وعائشة وجابر وأبي سعيد وأم سلمة قال أبو عيسى حديث عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق قالوا إذا أراد الجنب أن ينام توضأ قبل أن ينام [ ص: 323 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 323 ] قوله : ( قال نعم إذا توضأ ) المراد به الوضوء الشرعي لا اللغوي ، لما رواه البخاري عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة . قال الحافظ في الفتح : أي توضأ وضوء كما للصلاة ، وليس المعنى أنه توضأ لأداء الصلاة وإنما المراد توضأ وضوءا شرعيا لا لغويا . انتهى ، وقد اختلف العلماء هل هو واجب أو غير واجب؟ فالجمهور قالوا بالثاني ، واستدلوا بحديث عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء ، وقد تقدم أن فيه مقالا لا ينتهض به للاستدلال ، وبحديث طوافه صلى الله عليه وسلم على نسائه بغسل واحد ولا يخفى أنه ليس فيه على المدعى هنا دليل ، وبحديث ابن عباس مرفوعا إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ليس فيه أيضا دليل على المدعى كما لا يخفى ، وذهب داود وجماعة إلى الأول لورود الأمر بالوضوء ، ففي رواية البخاري ومسلم " ليتوضأ ثم لينم " وفي رواية لهما " توضأ واغسل ذكرك ثم نم " قال الشوكاني : يجب الجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب ، ويؤيد ذلك أنه أخرج ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من حديث ابن عمر أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب؟ قال : نعم ويتوضأ إن شاء . انتهى ، وقال النووي في شرح مسلم : وأما حديث أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم فهو ضعيف ، ولو صحح لم يكن مخالفا يعني لحديث ابن عمر المذكور في الباب وما في معناه ، بل كان له جوابان : أحدهما جواب الإمامين الجليلين أبي العباس بن سريج وأبي بكر البيهقي أن المراد لا يمس ماء للغسل والثاني وهو عندي حسن أن المراد أنه كان في بعض الأوقات لا يمس ماء أصلا لبيان الجواز إذ لو واظب عليه لتوهم وجوبه . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عمار وعائشة وجابر وأبي سعيد وأم سلمة ) أما حديث عمار فأخرجه [ ص: 324 ] أحمد والترمذي .

                                                                                                          وأما حديث عائشة فأخرجه الجماعة عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة .

                                                                                                          وأما حديث جابر فلم أقف عليه .

                                                                                                          وأما حديث أم سلمة فأخرجه الطبراني في الكبير عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة وإذا أراد أن يطعم غسل يديه . قال الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله ثقات .

                                                                                                          قوله : ( قالوا : إذا أراد الجنب أن ينام توضأ ) أي على سبيل الاستحباب . وهو قول الجمهور كما تقدم .




                                                                                                          الخدمات العلمية