الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن طلاق الأمة تطليقتان

                                                                                                          1182 حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال حدثني مظاهر بن أسلم قال حدثني القاسم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان قال محمد بن يحيى وحدثنا أبو عاصم أنبأنا مظاهر بهذا قال وفي الباب عن عبد الله بن عمر قال أبو عيسى حديث عائشة حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري ) هو الإمام الذهلي ثقة حافظ جليل ( أخبرنا أبو عاصم ) النبيل الضحاك بن مخلد ، ثقة ثبت ( عن ابن جريج ) اسمه عبد الملك بن عبد العزيز الأموي مولاهم المكي ثقة فقيه فاضل ( أخبرنا مظاهر بن أسلم ) بضم الميم وفتح الطاء المعجمة وبعد الألف هاء مكسورة وراء مهملة قال في التقريب : ضعيف . قوله : ( طلاق الأمة ) مصدر مضاف إلى مفعوله أي : تطليقها تطليقتان ( وعدتها حيضتان ) قال القاري في المرقاة دل ظاهر الحديث على أن العبرة في العدة بالمرأة ، وأن لا عبرة بحرية الزوج وكونه عبدا كما هو مذهبنا ، ودل على أن العدة بالحيض دون الأطهار ، وقال المظهر بهذا الحديث قال أبو حنيفة : الطلاق يتعلق بالمرأة ، فإن كانت أمة يكون طلاقها اثنين سواء كان زوجها حرا ، أو عبدا ، وقال الشافعي ، ومالك ، وأحمد : الطلاق يتعلق بالرجل ؛ فطلاق العبد اثنان ، وطلاق الحر ثلاث ، ولا نظر للزوجة ، وعدة الأمة على نصف عدة الحرة فيما له نصف ، فعدة الحرة ثلاث حيض ، وعدة الأمة حيضتان ؛ لأنه لا نصف للحيض ، وإن كانت تعتد بالأشهر فعدة الأمة شهر ونصف وعدة الحرة ثلاثة أشهر . انتهى ما في المرقاة ، وقال الخطابي في المعالم : اختلف العلماء في هذا فقالت طائفة : الطلاق بالرجال [ ص: 302 ] والعدة بالنساء ، روي ذلك عن ابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس ، وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق ، ثم ذكر الخطابي مذهب أبي حنيفة رحمه الله ، ثم قال : والحديث يعني : حديث الباب حجة لأهل العراق ، ولكن أهل الحديث ضعفوه ، ومنهم من تأوله على أن يكون الزوج عبدا . انتهى كلام الخطابي . قلت : واحتج أيضا لأبي حنيفة رحمه الله بما رواه ابن ماجه والدارقطني ، والبيهقي من حديث ابن عمر مرفوعا : طلاق الأمة اثنتان ، وعدتها حيضتان ، وفي إسناده عمرو بن شبيب وعطية العوفي وهما ضعيفان ، وقال الدارقطني ، والبيهقي : الصحيح أنه موقوف ، واستدل من قال : إن الطلاق بالرجال بحديث ابن مسعود : الطلاق بالرجال والعدة بالنساء . رواه الدارقطني ، والبيهقي ، وروياه أيضا عن ابن عباس نحوه ، وروى أحمد من حديث علي نحوه ، وأجيب بأن كل واحد من هذه الروايات موقوفة ، واستدلوا أيضا بما رواه مالك في الموطإ عن سليمان بن يسار أن نفيعا مكاتبا كان لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عبدا كان تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ، ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك ، فلقيه عند الدرج آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعا فقال : حرمت عليك ، حرمت عليك ، وهذا أيضا موقوف ، وبما رواه مالك أيضا عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : إذا طلق العبد امرأة تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت ، أو أمة ، وعدة الحرة ثلاث حيض ، وعدة الأمة حيضتان ، وهذا أيضا موقوف . قوله : ( قال محمد بن يحيى وأخبرنا أبو عاصم أخبرنا مظاهر بهذا ) أي : بهذا الحديث المذكور يعني : قال محمد بن يحيى الذهلي وحدثنا أبو عاصم هذا الحديث عن مظاهر بغير واسطة ابن جريج كما حدثنا عن مظاهر بواسطة ابن جريج ، وفي سنن ابن ماجه قال أبو عاصم فذكرته لا لمظاهر . فقلت : حدثني كما حدثت ابن جريج فأخبرني عن القاسم عن عائشة إلخ .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمر ) ، أخرجه ابن ماجه ، وغيره ، وقد تقدم .

                                                                                                          قوله : ( حديث عائشة حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم ومظاهر لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث ) وأخرجه أبو داود ، وابن ماجه ، وقال أبو داود : هو حديث مجهول ، قال المنذري ، وقد ذكر له أبو أحمد بن عدي حديثا آخر رواه عن [ ص: 303 ] أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات من آخر آل عمران كل ليلة ، قال ومظاهر هذا مخزومي مكي ضعفه أبو عاصم النبيل ، وقال يحيى بن معين : ليس بشيء مع أنه لا يعرف ، وقال أبو حاتم الرازي : منكر الحديث ، وقال الخطابي : والحديث حجة لأهل العراق إن ثبت ، ولكن أهل الحديث ضعفوه ، ومنهم من تأوله على أن يكون الزوج عبدا ، وقال البيهقي : لو كان ثابتا قلنا به ، إلا أنا لا نثبت حديثا يرويه من يجهل عدالته . انتهى كلام المنذري .




                                                                                                          الخدمات العلمية