الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 35 ] ثم دخلت سنة عشر وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها أمر العادل أيام الجمع بوضع سلاسل على أفواه الطرق إلى الجامع لئلا تصل الخيول إلى قريب الجامع صيانة للمسلمين عن التأذي بهم ، والتضييق عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولد الملك العزيز بن الظاهر غازي صاحب حلب ، وهو والد الملك الناصر صاحب دمشق ، واقف الناصريتين الذي أسره هلاوون ملك التتار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قدم بالفيل من الديار المصرية ، فحمل هدية إلى صاحب الكرج ، فتعجب الناس منه ، ومن بديع خلقته .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قدم الملك الظافر خضر بن السلطان صلاح الدين من حلب قاصدا الحج ، فتلقاه الناس ، وأكرمه ابن عمه المعظم صاحب دمشق ، فلما لم يبق بينه وبين مكة إلا مراحل يسيرة تلقته حاشية الكامل صاحب مصر ، وصدوه عن الدخول إلى مكة ، وقالوا : إنما جئت لأخذ اليمن . فقال لهم : قيدوني وذروني [ ص: 36 ] أقضي المناسك . فقالوا : ليس معنا مرسوم وإنما أمرنا بردك وصدك . فهم طائفة من الناس بقتالهم ، فخاف من وقوع فتنة ، فتحلل من حجه ، ورجع إلى الشام ، وتأسف الناس على ما فعل به ، وتباكوا لما ودعهم ، تقبل الله منه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وصل كتاب من بعض فقهاء الحنفية بخراسان إلى الشيخ تاج الدين الكندي يخبر فيه أن السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش تنكر في ثلاثة نفر ، ودخل بلاد التتر ليكشف أخبارهم بنفسه ، فأنكروهم فقبضوا عليهم ، فضربوا منهم اثنين حتى ماتا ، ولم يقرا بما جاءوا إليه ، واستوثقوا من الملك وصاحبه أسرا ، فلما كان في بعض الليالي هربا ، ورجع السلطان إلى معسكره ، فعاد إلى مملكته .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وهذه المكاتبة غير ما تقدم من أسره في المعركة مع ابن مسعود الأمير ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ظهرت بلاطة وهم يحفرون في خندق حلب ، فوجد تحتها من الذهب خمسة وسبعون رطلا ، ومن الفضة خمسة وعشرون بالرطل الحلبي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية