الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب مذاهبهم في ياءات الإضافة

                                                          وياء الإضافة عبارة عن ياء المتكلم ، وهي ضمير متصل بالاسم والفعل والحرف فتكون مع الاسم مجرورة المحل ، ومع الفعل منصوبته ، ومع الحرف منصوبته ومجرورته بحسب عمل الحرف نحو نفسي ، و ذكري و فطرني و ليحزنني و إني ، ولي ، وقد أطلق أئمتنا هذه التسمية عليها تجوزا مع مجيئها منصوب المحل غير مضاف إليها نحو إني و آتاني والفرق بينها وبين ياءات الزوائد أن هذه الياءات تكون

                                                          [ ص: 162 ] ثابتة في المصاحف وتلك محذوفة . وهذه الياءات تكون زائدة على الكلمة أي ليست من الأصول فلا تجيء لاما من الفعل أبدا فهي كهاء الضمير وكافه فتقول في : نفسي : نفسه ونفسك ، وفي فطرني فطره وفطرك ; وفي يحزنني : يحزنه ويحزنك ، وفي إني : إنه وإنك ، وفي لي : له ولك . وياء الزوائد تكون أصلية وزائدة فتجيء لاما من الفعل نحو إذا يسري ، و يوم يأت ، و الداع ، و " المناد " ، و دعان ، و يهدين ، و " يؤتين " وهذه الياءات الخلف فيها جار بين الفتح والإسكان . وياءات الزوائد الخلاف فيها ثابت بين الحذف والإثبات ، إذا تقرر ذلك فاعلم أن ياءات الإضافة في القرآن على ثلاثة أضرب .

                                                          ( الأول ) : ما أجمعوا على إسكانه ، وهو الأكثر لمجيئه على الأصل نحو ( إني جاعل ، واشكروا لي ، وأني فضلتكم ، فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني ، الذي خلقني ، و يطعمني ، و يميتني ، لي عملي ، يعبدوني لا يشركون بي ) وجملته خمسمائة وست وستون ياء .

                                                          ( الثاني ) : ما أجمعوا على فتحه ، وذلك لموجب إما أن يكون بعدها ساكن ، لام تعريف ، أو شبهه ، وجملته إحدى عشرة كلمة في ثمانية عشر موضعا نعمتي التي في المواضع الثلاثة ( ، و بلغني الكبر ، و حسبي الله ) في الموضعين ( و بي الأعداء و مسني السوء . و مسني الكبر ، و وليي الله ، و شركائي الذين ) في الأربعة المواضع ( و أروني الذين ، و ربي الله ، و جاءني البينات ، و نبأني العليم ) حركت بالفتح حملا على النظير فرارا من الحذف ، أو قبلها ساكن ألف ، أو ياء فالذي بعد ألف ست كلمات في ثمانية مواضع ( هداي ) في الموضعين ( وإياي فإياي ، رؤياي ) في الموضعين ( و مثواي و عصاي ) وسيأتي ذكر ( بشراي و حسرتا ) في موضعه والذي بعد الياء تسع كلمات وقعت في اثنتين وسبعين موضعا ، وهي : إلي و علي و يدي و لدي و بني و يابني ، و ابنتي و والدي و مصرخي ; وحركت الياء في ذلك فرارا من التقاء الساكنين ، وكانت فتحة حملا على النظير وأدغمت الياء في نحو

                                                          [ ص: 163 ] إلي و علي للتماثل . وجاز في بمصرخي الكسر لغة ، وكذلك في يابني مع الإسكان كما سيأتي وجملة ذلك من الضربين المجمع عليهما ستمائة وأربع وستون ياء .

                                                          ( والضرب الثالث ) ما اختلفوا في إسكانه وفتحه وجملته مائتا ياء واثنتا عشرة ياء ، وقد عدها الداني ، وغيره وأربع عشرة فزادوا اثنتين ، وهما آتاني الله في النمل فبشر عبادي الذين في الزمر : وزاد آخرون اثنين آخرين ، وهما ألا تتبعن في طه إن يردن الرحمن في يس فجعلوها مائتين وست عشرة ، وذكر هذه الأربع في باب الزوائد ، أولى لحذفها في الرسم وإن كان لها تعلق بهذا الباب من حيث فتحها ، وإسكانها أيضا ولذلك ذكرناهم ثم .

                                                          وأما يا عبادي لا خوف عليكم في الزخرف فذكرناها في هذا الباب تبعا للشاطبي ، وغيره من حيث إن المصاحف لم تجتمع على حذفها كما سنذكره .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية