الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء ما يذهب مذمة الرضاع

                                                                                                          1153 حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسمعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع فقال غرة عبد أو أمة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح هكذا رواه يحيى بن سعيد القطان وحاتم بن إسمعيل وغير واحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن حجاج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن أبي حجاج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عيينة غير محفوظ والصحيح ما روى هؤلاء عن هشام بن عروة عن أبيه وهشام بن عروة يكنى أبا المنذر وقد أدرك جابر بن عبد الله وابن عمر ومعنى قوله ما يذهب عني مذمة الرضاع يقول إنما يعني به ذمام الرضاعة وحقها يقول إذا أعطيت المرضعة عبدا أو أمة فقد قضيت ذمامها ويروى عن أبي الطفيل قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت امرأة فبسط النبي صلى الله عليه وسلم رداءه حتى قعدت عليه فلما ذهبت قيل هي كانت أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( ما يذهب عني ) من الإذهاب أي : أي شيء يزيل عني ( مذمة الرضاع ) قال ابن الأثير في النهاية : المذمة بالفتح مفعلة من الذم ، وبالكسر من الذمة ، والذمام ، وقيل هي بالكسر والفتح [ ص: 265 ] الحق والحرمة التي يذم مضيعها ، والمراد بمذمة الرضاع الحق اللازم بسبب الرضاع فكأنه سأل ما يسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملا ، وكانوا يستحبون أن يعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئا سوى أجرتها . انتهى . ( فقال غرة ) أي : مملوك ( عبد ، أو أمة ) بالرفع والتنوين بدل من ( غرة ) وقيل الغرة لا تطلق إلا على الأبيض من الرقيق ، وقيل هي أنفس شيء يملك ، قال الطيبي : الغرة : المملوك ، وأصلها البياض في جبهة الفرس ، ثم استعير لأكرم كل شيء كقولهم غرة القوم سيدهم ، ولما كان الإنسان المملوك خير ما يملك سمي غرة ، ولما جعلت الظئر نفسها خادمة جوزيت بجنس فعلها ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي . قوله : ( عن حجاج بن حجاج الأسلمي ) مقبول من الثالثة ولأبيه صحبة ، قال الحافظ : وقال الخزرجي في ترجمته : حجازي عن أبيه حجاج بن مالك ، وعنه عروة له عندهم فرد حديث ( عن أبيه ) حجاج بن مالك بن عويمر بن أبي أسيد الأسلمي صحابي له حديث في الرضاع ، كذا في التقريب ( وروى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن أبي حجاج عن أبيه ) فقال عن حجاج بن أبي حجاج ، وهو غير محفوظ ، والصحيح عن حجاج بن حجاج كما روى يحيى القطان وحاتم بن إسماعيل ، وغيرهما ( وقال معنى قوله ما يذهب عني مذمة الرضاع إلخ ) أي : قال أبو عيسى معنى قوله إلخ وأرجع الشيخ سراج أحمد ضمير ( قال ) إلى هشام بن عروة ( يقول إنما يعني : ذمام الرضاعة وحقها ) قال في القاموس الذمام والمذمة : الحق والحرمة . قوله : ( ويروى عن أبي الطفيل قال : كنت جالسا إلخ ) أخرجه أبو داود ، وأبو الطفيل بالتصغير ، وهو عامر بن واثلة الليثي ، وهو آخر من مات من الصحابة في جميع الأرض ( فبسط النبي صلى الله عليه وسلم رداءه ) أي [ ص: 266 ] تعظيما لها وانبساطا بها ، قال الطيبي : فيه إشارة إلى وجوب رعاية الحقوق القديمة ولزوم إكرام من له صحبة قديمة وحقوق سابقة ( فلما ذهبت ) أي : وتعجب الناس من إكرامه إياها وقبولها القعود على ردائه المبارك : ( قيل هذه أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم ) قال في المواهب : إن حليمة جاءته - عليه الصلاة والسلام - يوم حنين فقام إليها وبسط رداءه لها وجلست . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية