الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 160 ] سورة الحديد

                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قولان

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها مدنية، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، وقتادة، ومقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها مكية، قاله ابن السائب .

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى سبح لله ما في السماوات والأرض أما تسبيح ما يعقل، فمعلوم، وتسبيح ما لا يعقل، قد ذكرنا معناه في قوله تعالى: وإن من شيء إلا يسبح بحمده [الإسراء: 44] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 161 ] قوله تعالى: هو الأول قال أبو سليمان الخطابي: هو السابق للأشياء "والآخر" الباقي بعد فناء الخلق "والظاهر" بحججه الباهرة، وبراهينه النيرة، وشواهده الدالة على صحة وحدانيته . ويكون: الظاهر فوق كل شيء بقدرته . وقد يكون الظهور بمعنى العلو، ويكون بمعنى الغلبة . والباطن: هو المحتجب عن أبصار الخلق الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية . وقد يكون معنى الظهور والبطون: احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجليه لبصائر المتفكرين . ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور، والمطلع على ما بطن من الغيوب هو الذي خلق السماوات والأرض مفسر في [الأعراف: 54] إلى قوله تعالى: يعلم ما يلج في الأرض وهو مفسر في [سبإ: 2] إلى قوله تعالى: وهو معكم أين ما كنتم أي: بعلمه وقدرته . وما بعده ظاهر إلى قوله تعالى: آمنوا بالله ورسوله [ ص: 162 ] قال المفسرون: هذا الخطاب لكفار قريش وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه يعني: المال الذي كان بأيدي غيرهم، فأهلكهم الله، وأعطى قريشا ذلك المال، فكانوا فيه خلفاء من مضى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية