الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين

                                                                                                          1152 حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن هشام بن عروة عن أبيه عن فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئا وفاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام وهي امرأة هشام بن عروة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لا يحرم ) بتشديد الراء المكسورة ( من الرضاع ) بفتح الراء ، وكسرها ( إلا ما فتق الأمعاء ) بالنصب على أنه مفعول به أي : الذي شق أمعاء الصبي كالطعام ، ووقع منه موقع الغذاء ، وذلك أن يكون في أوان الرضاع ، والأمعاء جمع معى ، وهو موضع الطعام من البطن ( في الثدي ) حال من فاعل فتق كقوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا أي : كائنا في الثدي ، فائضا منه ، سواء كان بالارتضاع ، أو بالإيجار ، ولم يرد به الاشتراط في الرضاع المحرم أن يكون من الثدي قاله القاري ، وقال الشوكاني قوله في الثدي أي : في زمن الثدي ، وهو لغة معروفة ، فإن العرب تقول مات [ ص: 264 ] فلان في الثدي أي : في زمن الرضاع قبل الفطام كما وقع التصريح بذلك في آخر الحديث ( وكان ) أي : الرضاع ( قبل الفطام ) بكسر الفاء أي : زمن الفطام الشرعي . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وصححه الحاكم أيضا ، وفي الباب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا رضاع إلا في الحولين . رواه الدارقطني ، وابن عدي مرفوعا وموقوفا ورجح الموقوف ، وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم رواه أبو داود قوله : ( والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين إلخ ) وهو قول صاحبي الإمام أبي حنيفة ، قال محمد في موطئه لا يحرم الرضاع إلا ما كان في الحولين . فما كان فيها من الرضاع ، وإن كان مصة واحدة فهي تحرم . كما قال عبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ، وما كان بعد الحولين لم يحرم شيئا ؛ لأن الله عز وجل قال والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة فتمام الرضاعة الحولان ، فلا رضاعة بعد تمامها يحرم شيئا ، وكان أبو حنيفة رحمه الله يحتاط ستة أشهر بعد الحولين فيقول : يحرم ما كان في الحولين وبعدها تمام ستة أشهر ، وذلك ثلاثون شهرا ، ولا يحرم ما كان بعد ذلك ، ونحن لا نرى أن يحرم ، ونرى أنه لا يحرم ما كان بعد الحولين . انتهى كلام محمد رحمه الله ، قال صاحب التعليق الممجد : ولا يخفى أنه لا احتياط بعد ورود النصوص بالحولين ، مع أن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين ، وأقواهما دليلا قولهما . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية