الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في المذي يصيب الثوب

                                                                                                          115 حدثنا هناد حدثنا عبدة عن محمد بن إسحق عن سعيد بن عبيد هو ابن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الغسل فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته عنه فقال إنما يجزئك من ذلك الوضوء فقلت يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه قال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحق في المذي مثل هذا وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل وهو قول الشافعي وإسحق وقال بعضهم يجزئه النضح وقال أحمد أرجو أن يجزئه النضح بالماء [ ص: 315 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 315 ] ( باب في المذي يصيب الثوب ) المذي بفتح الميم وسكون الذال وتخفيف الياء البلل اللزج من الذكر عند ملاعبة النساء ، ولا يجب فيه الغسل ، وهو نجس يجب غسله وينقض الوضوء ، ورجل مذاء فعال للمبالغة في كثرة المذي ، وقد أمذى الرجل يمذي ومذى كذا في النهاية .

                                                                                                          قوله : ( نا عبدة ) ابن سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي ثقة وقد تقدم ( عن محمد بن إسحاق ) ثقة إلا أنه مدلس وروايته عن سعيد بن عبيد عند الترمذي بالعنعنة ، وعند أبي داود بالتحديث فزالت علة التدليس .

                                                                                                          ( عن سعيد بن عبيد ) بالتصغير وفي رواية أبي داود حدثني سعيد بن عبيد ( هو ابن السباق ) قال في التقريب سعيد بن عبيد بن السباق الثقفي أبو السباق المدني ثقة من الرابعة . انتهى . قلت : روى عن أبيه وعن أبي هريرة وعنه الزهري وابن إسحاق وثقه النسائي .

                                                                                                          ( عن أبيه ) هو عبيد بن السباق بفتح السين المهملة والموحدة الشديدة المدني الثقفي أبو سعيد ثقة ، من الثالثة ، روى عن زيد بن ثابت وسهل بن حنيف وعنه ابن شهاب وثقه غير واحد .

                                                                                                          ( عن سهل بن حنيف ) ابن واهب الأنصاري الأوسي صحابي من أهل بدر واستخلفه علي على البصرة ومات في خلافته .

                                                                                                          قوله : ( كنت ألقى من المذي شدة وعناء ) قال في الصراح : عناء بالفتح والمد " رنج ديدن " .

                                                                                                          ( فكنت أكثر منه الغسل ) من الإكثار ، ومن للتعليل أي كنت أكثر الاغتسال لأجل خروج المذي .

                                                                                                          ( فقال : إنما يجزئك ) من الإجزاء أي يكفيك ( من ذلك ) أي من خروج المذي ( الوضوء ) بالرفع على الفاعلية ( قال : يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك ) ، وفي رواية الأثرم يجزيك أن تأخذ حفنة من ماء فترش عليه ، واستدل به على أن المذي إذا أصاب الثوب يكفي نضحه ورش الماء عليه ولا يجب غسله .

                                                                                                          [ ص: 316 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) والحديث أخرجه أيضا أبو داود وابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( ولا نعرف مثل هذا إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا ) وقع في هذه العبارة لفظ " مثل هذا " مرتين فالثاني تأكيد للأول والمعنى لا نعرف مثل هذا الحديث في باب المذي من نضح الثوب إذا أصابه المذي في حديث إلا في حديث محمد بن إسحاق . والحاصل أن محمد بن إسحاق متفرد بهذا عن سعيد بن عبيد .

                                                                                                          قوله : ( واختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل وهو قول الشافعي وإسحاق ) واستدل من قال بالغسل بحديث علي قال : كنت رجلا مذاء . الحديث ، وفيه : يغسل ذكره ويتوضأ ، رواه مسلم ، وبحديث عبد الله بن سعد وفيه : وكل فحل يمذي فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتتوضأ وضوءك للصلاة رواه أبو داود ، وقالوا حديث النضح والرش محمول على ذلك .

                                                                                                          ( وقال بعضهم : يجزئه النضح ، وقال أحمد : أرجو أن يجزئه النضح بالماء ) والحجة لهم في ذلك حديث الباب ، قال الشوكاني : اختلف أهل العلم في المذي إذا أصاب الثوب فقال الشافعي وإسحاق وغيرهما لا يجزئه إلا الغسل ، أخذا برواية الغسل وفيه أن رواية الغسل إنما هي في الفرج لا في الثوب الذي هو محل النزاع ، فإنه لم يعارض رواية النضح المذكورة في الباب معارض فالاكتفاء به صحيح مجزئ ، وقال : وقد ثبت في رواية الأثرم لفظ فترش عليه وليس المصير إلى الأشد بمتعين بل ملاحظة التخفيف من مقاصد الشريعة المألوفة فيكون مجزئا كالغسل . انتهى . قلت : كلام الشوكاني هذا عندي محل تأمل فتفكر .




                                                                                                          الخدمات العلمية