الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وجوه يومئذ ناعمة ( 8 ) لسعيها راضية ( 9 ) في جنة عالية ( 10 ) لا تسمع فيها لاغية ( 11 ) فيها عين جارية ( 12 ) فيها سرر مرفوعة ( 13 ) وأكواب موضوعة ( 14 ) ونمارق مصفوفة ( 15 ) وزرابي مبثوثة ( 16 ) )

[ ص: 386 ]

لما ذكر حال الأشقياء ، ثنى بذكر السعداء فقال : ( وجوه يومئذ ) أي : يوم القيامة ( ناعمة ) أي : يعرف النعيم فيها . وإنما حصل لها ذلك بسعيها .

وقال سفيان : ( لسعيها راضية ) قد رضيت عملها .

وقوله : ( في جنة عالية ) أي : رفيعة بهية في الغرفات آمنون ، ( لا تسمع فيها لاغية ) أي : لا يسمع في الجنة التي هم فيها كلمة لغو . كما قال : ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ) [ مريم : 62 ] وقال : ( لا لغو فيها ولا تأثيم ) [ الطور : 23 ] وقال : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) [ الواقعة : 25 ، 26 ]

( فيها عين جارية ) أي : سارحة . وهذه نكرة في سياق الإثبات ، وليس المراد بها عينا واحدة ، وإنما هذا جنس ، يعني : فيها عيون جاريات .

وقال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان : حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو : من تحت جبال - المسك " .

( فيها سرر مرفوعة ) أي : عالية ناعمة كثيرة الفرش ، مرتفعة السمك ، عليها الحور العين . قالوا : فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية تواضعت له ، ( وأكواب موضوعة ) يعني : أواني الشرب معدة مرصدة لمن أرادها من أربابها ، ( ونمارق مصفوفة ) قال ابن عباس : النمارق : الوسائد . وكذا قال عكرمة ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، والثوري ، وغيرهم .

وقوله : ( وزرابي مبثوثة ) قال ابن عباس : الزرابي : البسط . وكذا قال الضحاك ، وغير واحد .

ومعنى مبثوثة ، أي : هاهنا وهاهنا لمن أراد الجلوس عليها .

ونذكر هاهنا هذا الحديث الذي رواه أبو بكر بن أبي داود : حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي ، عن محمد بن مهاجر ، عن الضحاك المعافري عن سليمان بن موسى : حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا هل من مشمر للجنة ، فإن الجنة لا خطر لها ، هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر مطرد ، وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة ، وحلل كثيرة ، ومقام في أبد في دار سليمة ، وفاكهة وخضرة ، وحبرة ونعمة ، في محلة عالية بهية ؟ " . قالوا : نعم يا رسول الله ، نحن المشمرون لها . قال : " قولوا : إن شاء الله " . قال القوم : إن شاء الله .

ورواه ابن ماجه عن العباس بن عثمان الدمشقي ، عن الوليد بن مسلم عن محمد بن [ ص: 387 ] مهاجر به .

التالي السابق


الخدمات العلمية