الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الصلاة على المديون

                                                                                                          1069 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أخبرنا شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال سمعت عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم صلوا على صاحبكم فإن عليه دينا قال أبو قتادة هو علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوفاء قال بالوفاء فصلى عليه قال وفي الباب عن جابر وسلمة بن الأكوع وأسماء بنت يزيد قال أبو عيسى حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح [ ص: 153 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 153 ] قوله : ( أتي ) بصيغة المجهول ( برجل ) أي : بجنازة رجل ( صلوا على صاحبكم فإن عليه دينا ) قال القاضي ، وغيره : امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المديون إما للتحذير عن الدين ، والزجر عن المماطلة ، والتقصير في الأداء ، أو كراهة أن يوقف دعاؤه بسبب ما عليه من حقوق الناس ومظالمهم ، وقال القاضي ابن العربي في العارضة : وامتناعه من الصلاة لمن ترك عليه دينا تحذيرا عن التقحم في الديون لئلا تضيع أموال الناس ، كما ترك الصلاة على العصاة زجرا عنها ، حتى يجتنب خوفا من العار ، ومن حرمان صلاة الإمام وخيار المسلمين . انتهى . ( قال أبو قتادة : وهو علي إلخ ) فيه دليل على جواز الضمان عن الميت سواء ترك وفاء ، أو لم يترك ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يصح الضمان من حيث لم يخلف وفاء بالاتفاق لو ضمن عن حر معسر دينا ، ثم مات من عليه الدين ، كان الضمان بحاله . فلما لم يناف موت المعسر دوام الضمان لا ينافي ابتداءه ، قال الطيبي والتمسك بالحديث أولى من هذا القياس ذكره القاري نقلا عن شرح السنة ، ثم قال : وقال بعض علمائنا تمسك به أبو يوسف ومحمد ، ومالك والشافعي ، وأحمد رحمهم الله تعالى في أنه تصح الكفالة عن ميت لم يترك مالا وعليه دين . فإنه لو لم تصح الكفالة لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، وقال أبو حنيفة رحمه الله : لا تصح الكفالة عن ميت مفلس ؛ لأن الكفالة عن الميت المفلس كفالة بدين ساقط ، والكفالة بالدين الساقط باطلة ، والحديث يحتمل أن يكون إقرارا بكفالة سابقة ، فإن لفظ الإقرار والإنشاء في الكفالة سواء ، ولا عموم لحكاية الفعل ، ويحتمل أن يكون وعدا لا كفالة ، وكان امتناعه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليه ليظهر له طريق قضاء ما عليه فلما ظهر صلى عليه صلى الله عليه وسلم . انتهى . قلت : والظاهر ما قال به أكثر أهل العلم ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جابر وسلمة بن الأكوع وأسماء بنت يزيد ) أما حديث جابر فأخرجه [ ص: 154 ] البخاري ، ومسلم ، وأما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه البخاري ، وأما حديث أسماء بنت يزيد فأخرجه الطبراني كما في عمدة القاري . قوله : ( حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح ) ، وأخرجه البخاري من حديث سلمة بن الأكوع ، وفيه قال أبو قتادة : صل عليه يا رسول الله وعلي دينه ; فصلى عليه .




                                                                                                          الخدمات العلمية