الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              613 614 - أبو جعفر الكبير ، وأبو الحسن الصغير

              ومنهم المعروفان بالمزينين : الكبير أبو جعفر ، والصغير أبو الحسن ، جاورا الحرم سنين عدة ، وماتا بمكة ، كانا جميعا من الاجتهاد متمتعين ، وبالعبادة متنعمين .

              سمعت والدي ، يقول : سمعت أبا جعفر المزين الكبير ، يقول : سمعت أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ، ولكن يرفعهم بقدر عظمته ، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ، ولكن بقدر جوده وكرمه ، ولم يفرح المحزونين بقدر حزنهم ، ولكن بقدر رأفته ورحمته .

              سمعت أبا جعفر الخياط الأصبهاني - بمكة - يقول : سمعت أبا جعفر المزين يقول : محنتنا وبلاؤنا صفاتنا ، فمتى فنيت حركات صفاتنا أقبلت القلوب منقادة للحق منصرفة لحالها " .

              سمعت أحمد بن أبي عمران الهروي يقول : حكى أبو نصر الهروي ، قال : سمعت أحمد أبا الحسن المزين الصغير يقول : دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا ، وكنت قاعدا على بركة الربذة ، فخطر بقلبي أنه ما دخل العام البادية أحد أشد [ ص: 341 ] تجريدا مني ، فجذبني إنسان من ورائي ، وجعل يقول : يا حجام ، كم تحدث نفسك بالأباطيل ؟ فردني إلى المحسوسة .

              سمعت عبد المنعم بن عمر يقول : سمعت المرتعش يقول : قال أبو الحسن المزين : إن الذي عليه أهل الحق في وحدانيته أن الله تعالى غير مفقود فيطلب ولا ذو غاية فيدرك ، فمن أدرك موجودا معلوما فهو بالموجود مغرور والموجود عندنا معرفة حال وكشف علم بلا حال ، لأن الحق باق بصفة الوحدانية التي هي نعت ذاته ، ليس كمثله شيء وهو شيء ليس كالأشياء ، والتوحيد هو أن تفرده بالأولية والأزلية دون الأشياء ، جل ربنا عن الأكفاء والأمثال .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية