الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا

                                                                                                          1045 حدثنا أبو كريب ونصر بن عبد الرحمن الكوفي ويوسف بن موسى القطان البغدادي قالوا حدثنا حكام بن سلم عن علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا وفي الباب عن جرير بن عبد الله وعائشة وابن عمر وجابر قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن غريب من هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          اللحد بفتح اللام وبالضم وسكون الحاء هو الشق في عرض القبر جانب القبلة ، والشق هو الضريح ، وهو الشق في وسط القبر .

                                                                                                          [ ص: 124 ] قوله : ( أخبرنا حكام ) بفتح الحاء وتشديد الكاف ( بن سلم ) بفتح السين وسكون اللام ، ثقة له غرائب ( عن علي بن عبد الأعلى ) صدوق ربما وهم .

                                                                                                          قوله : ( اللحد لنا والشق لغيرنا ) قال التوربشتي : أي : اللحد آثر وأولى لنا ، والشق آثر وأولى لغيرنا ، أي : هو اختيار من كان قبلنا من أهل الإيمان ، وفي ذلك بيان فضيلة اللحد ، وليس فيه نهي عن الشق ؛ لأن أبا عبيدة ـ مع جلالة قدره في الدين والأمانة ـ كان يصنعه ولأنه لو كان منهيا لما قالت الصحابة : أيهما جاء أولا عمل عمله ، ولأنه قد يضطر إليه لرخاوة الأرض . انتهى ، وقال الطيبي ويمكن أنه عليه الصلاة والسلام عنى بضمير الجمع نفسه أي : أوثر لي اللحد ، وهو إخبار عن الكائن فيكون معجزة . انتهى ، وقيل معناه اللحد لنا معشر الأنبياء والشق جائز لغيرنا . قلت : الصحيح هو ما ذكره التوربشتي ، ويؤيده حديث جرير بن عبد الله بلفظ اللحد لنا والشق لغيرنا أهل الكتاب قوله : ( وفي الباب عن جرير بن عبد الله ) أخرجه أحمد ، والبزار ، وابن ماجه بنحو حديث ابن عباس المذكور في هذا الباب ، وفيه عثمان بن عمير ، وهو ضعيف ، وزاد أحمد بعد قوله لغيرنا أهل الكتاب ( وعن عائشة ) أخرجه ابن ماجه بلفظ قالت لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق حتى تكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم فقال عمر رضي الله عنه لا تصخبوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ، ولا ميتا - ، أو كلمة نحوها- فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد جميعا ، فجاء اللاحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم دفن صلى الله عليه وسلم ( وابن عمر رضي الله عنه ) أخرجه أحمد بلفظ أنهم ألحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم لحدا ، وفيه عبد الله العمري ، وأخرجه ابن أبي شيبة بلفظ ألحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولأبي بكر وعمر ( وجابر ) أخرجه ابن شاهين في كتاب الجنائز بلفظ حديث ابن عباس المذكور ، وأحاديث الباب تدل على استحباب اللحد ، وأنه أولى من الضرح ، وإلى ذلك ذهب الأكثر كما قال النووي في شرح مسلم إجماع العلماء على جواز اللحد والشق .

                                                                                                          قوله : ( حديث ابن عباس غريب من هذا الوجه ) أخرجه الخمسة ، قال الشوكاني : وصححه ابن السكن وحسنه الترمذي كما وجدنا ذلك في بعض النسخ الصحيحة من جامعه في إسناده عبد الأعلى بن عامر ، وهو ضعيف . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية