الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              578 القلانسي

              قال الشيخ : وأما أبو أحمد القلانسي فمخصوص بالتواضع والفتوة والاحتمال وطيبة القلب والابتذال ، صحب أبا حمزة وتخرج عليه .

              سمعت عمر بن أحمد بن شاهين يقول : سمعت علي بن محمد المصري يقول : سمعت عمرو بن سعيد القلانسي يقول : سمعت يحيى بن الحسن القلانسي يقول : رأيت ربي عز وجل في النوم ، فقلت : يا رب ، اغفر لي ما مضى ، قال : إن أردت أن أغفر لك ما مضى فأصلح لي ما بقي ، قال : قلت : يا رب فأعني عليه .

              سمعت عبد المنعم بن عمر يقول : قال أبو سعيد ابن الأعرابي : سمعت الكتاني يقول : قال منية البصري : سافرت مع أبي أحمد القلانسي فجعنا جوعا شديدا ، ففتح علينا بشيء من طعام فآثرني به ، وكان معنا سويق ، فقال لي كالمازح : تكون جملي ؟ فقلت : نعم ، فكان يوجرني ذلك السويق يحتال بذلك أن يؤثرني على نفسه ، وكان قد صحب أبا محمد الرباطي المروزي وسلك معه البادية ، وورث عنه هذه الأخلاق الحميدة ، وذلك أن أبا محمد اشترط عليه أن يكون هو الأمير في سفرهما ، فحكى عنه أنه كان يطعمه ويجوع ، ويسقيه ويعطش ، ويؤثره بأسباب الرفق ، وذكر أن مطرا أصابهما في رياح وظلمة شديدة بالبادية ، فقال : يا أحمد اطلب الميل ، فلما صرنا إلى الميل أقعدني في أصله ووضع يده عليه وهو قائم ، وجللني بكساء كان معه فوق ظهره وعلى رأسه ، حتى صرت كأني في بيت لا يصيبني المطر ولا الرياح ، فكلما قلت له قال : لا تعترض علي [ ص: 307 ] وأنا الأمير ، وكان أبو حمزة ، وابن وهب وجماعة المشايخ يكرمونه ويقدمونه على غيره ، قال أبو سعيد ابن الأعرابي : ولقد صحبته إلى أن مات فما رأيته قط يبيت ذهبا ولا فضة ، كان يخرجه من الليل ويذهب مذهب شقيق في التوكل ، وكان يقول : بناء مذهبنا على شرائط ثلاث : لا نطالب أحدا من الناس بواجب حقنا ، ونطالب أنفسنا بحقوق الناس ، ونلزم أنفسنا التقصير في جميع ما نأتي به .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية