الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وأقل الحيض يوم وليلة ، وعنه : يوم ، وأكثره خمسة عشر يوما ، وعنه : سبعة عشر ، وغالبه ست أو سبع ، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ، وقيل : خمسة عشر ، ولا حد لأكثره .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وأقل الحيض يوم وليلة ) هذا هو المشهور ، واختاره عامة المشايخ لقول علي رضي الله عنه . لا ثلاثة أيام ، خلافا لأبي حنيفة ( وعنه : يوم ) اختارها أبو بكر ، لأن الشرع علق على الحيض أحكاما ، ولم يبينه ، فعلم أنه رده إلى العرف ، كالقبض والحرز ، وقد وجد حيض معتاد يوما ، ولم يوجد أقل منه . قال عطاء : رأيت من تحيض يوما ، رواه الدارقطني ، وقال الشافعي : رأيت امرأة فقالت : إنها لم تزل تحيض يوما لا يزيد ، وقال أبو عبد الله الزبيري : كان في [ ص: 270 ] نسائنا من تحيض يوما ، فمن قال به أخذ بظاهر الإطلاق ، يؤيده قول الأوزاعي : عندنا امرأة تحيض بكرة ، وتطهر عشية ، ومن قال باليوم والليلة ، قال : إنه المفهوم من إطلاق اليوم ، ومن ثم قال القاضي : يمكن حمل كلام أحمد : أقله يوم أي : بليلته ، فتكون المسألة رواية واحدة ، وهذه طريقة الخلال ، ولكن الأكثر على خلافها .

                                                                                                                          ( وأكثره خمسة عشر يوما ) في ظاهر المذهب ، قال الخلال : لا اختلاف فيه لقول عطاء : رأيت من تحيض خمسة عشر يوما ، يؤيده ما رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في سننه عن ابن عمر مرفوعا أنه قال : النساء ناقصات عقل ودين قيل : وما نقصان دينهن ؛ قال : تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي وذكر ابن المنجا أنه رواه البخاري ، وهو خطأ ، قال البيهقي : لم أجده في شيء من كتب الحديث ، وقال ابن منده : لا يثبت بوجه من الوجوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                          ( وعنه : سبعة عشر ) قال ابن المنذر : بلغني أن نساء الماجشون كن يحضن سبع عشرة ، وحكاه ابن مهدي عن غيرهن ، وقيل : عليهما ، وليلة . لا عشرة بلياليها خلافا لأبي حنيفة ، وقال مالك : لا حد لأقله ، فلو رأت دفعة واحدة كان حيضا ، وأكثره خمسة عشر يوما .

                                                                                                                          [ ص: 271 ] ( وغالبه ست أو سبع ) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش لما سألته : تحيضي في علم الله بستة أيام أو سبعة ، ثم اغتسلي ، وصلي أربعا وعشرين ليلة ، أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها ، فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن رواه أبو داود ، والنسائي ، وأحمد ، والترمذي ، وصححاه ، وحسنه البخاري ( وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ) هذا هو المختار في المذهب ، وجزم به في " الوجيز " لما روى أحمد ، واحتج به عن علي : أن امرأة جاءته ، وقد طلقها زوجها ، فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض ، فقال علي لشريح : قل فيها ، فقال شريح : إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك ، وإلا فهي كاذبة ، فقال علي : " قالون " أي : جيد بالرومية ، وهذا لا يقوله إلا توقيفا ، وهو قول صحابي انتشر ولم يعلم خلافه ، ووجود ثلاث حيض في شهر ، دليل على أن الثلاثة عشر طهر صحيح يقينا ، قال أحمد : لا يختلف أن العدة يصح أن تنقضي في شهر إذا قامت به البينة ، وظاهره أن الطهر في أثناء الحيضة لا توقيت فيه وسيأتي .

                                                                                                                          ( وقيل : خمسة عشر ) هذه رواية عن أحمد حكاها في " المحرر " و " الفروع " وهي قول أكثر العلماء ، لما تقدم من قوله : تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي ، وذكر أبو بكر أنهما مبنيان على أكثر الحيض ، فإن قيل : خمسة عشر يوما فأقل الطهر مثله ، وإن قيل : سبعة عشر يوما فأقله ثلاثة عشر يوما ، [ ص: 272 ] والمشهور عند الأصحاب لا بناء ، فأكثر الحيض خمسة عشر يوما ، وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما ، ثم إنما يلزم ذلك أن لو كان شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يوما ، فإذا زاد تصور أن حيضها سبعة عشر ، وطهرها خمسة عشر ، وأكثر ، وقيل : يزاد على كل عدد ليلة ، وعنه : لا توقيت فيه ، وهو على ما تعرفه من عادتها ، اختاره بعض أصحابنا ، وعنه : إلا في العدة أي : إذا ادعت انقضاءها في شهر كلفت البينة ، وإن كان في أكثر منه صدقت ( ولا حد لأكثره ) أي : الطهر ، لأن التحديد من الشرع ، ولم يرد به ، ولا نعلم له دليلا ، ولأنه قد وجد من لا تحيض أصلا ، لكن غالبه بقية الشهر .




                                                                                                                          الخدمات العلمية