الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة الثالثة والأربعون ) : فيما يضمن من الأعيان بالعقد أو باليد القابض لمال غيره ، لا يخلو إما يقبضه بإذنه أو بغير إذنه فإن قبضه بغير إذنه فإن استند إلى إذن شرعي كاللقطة لم يضمن وكذا إن استند إلى إذن عرفي كالمنقذ لمال غيره من التلف ونحوه وحكى في التلخيص وجها بضمان هذا وفيه بعد ونص أحمد على أن من أخذ عبدا آبقا ليرده فأبق منه فلا ضمان عليه لكن قد يقال هنا إذن شرعي في أخذ الآبق لرده وإن خلا عن ذلك كله فهو متعد وعليه الضمان في الجملة هذا إذا كان أصل القبض غير مستند إلى إذن ، أما إن وجد استدامة قبض من غير إذن في الاستدامة فههنا ثلاثة أقسام : ( أحدها ) أن يكون عقد على ملكه عقدا لازما ينقل الملك فيه ولم يقبضه المالك بعد فإن كان ممتنعا من تسليمه فهو غاصب إلا حيث يجوز الامتناع من التسليم كتسليم العوض على وجه أو لكونه رهنا عنده أو لاستثنائه منفعته مدة وإن لم يكن ممتنعا من التسليم بل باذلا له فلا ضمان عليه على ظاهر المذهب إلا أن يكون المعقود عليه مبهما لم يتعين بعد كقفيز من صبرة فإن عليه ضمانه في الجملة وبماذا يخرج من ضمانه قال الخرقي والأصحاب لا يزول ضمانه بدون قبض المشتري وهل يحصل القبض بمجرد التخلية مع التمييز أو لا يحصل بدون النقل فيما ينقل ؟ على روايتين فإن اعتبرنا النقل امتد الضمان إليه وهل يسقط بتفريط المشتري في النقل ؟ على وجهين أشهرهما أنه يسقط به والثاني لا يسقط حتى يوجد النقل بكل حال ، وذكر القاضي في خلافه في مسألة الجوائح أنه ظاهر كلام أحمد وفيه بعد ثم وجدته منصوصا صريحا عن أحمد في الثمرة المشتراة قبل صلاحها بشرط القطع إذا أخرها المشتري حتى تلفت بجائحة قبل صلاحها أنها من ضمان البائع معللا بأنها في ملك البائع وفي حكمه نقله عنه الحسن بن ثواب وإن اعتبرنا التخلية مع التمييز وهو الصحيح فلأنه يحصل به التمكن من القبض ولهذا ينتقل الضمان في بيع الأعيان المتميزة بمجرد العقد على المذهب لحصول التمكن من القبض ، ولعل اشتراط النقل إنما يخرج على الرواية الأخرى وهي ضمان جميع [ الأعيان ] قبل القبض فلا ينتقل الضمان [ هنا ] إلا بحقيقة القبض دون التمكن منه والأول أظهر لأن الذي يجب على البائع التمييز والتخلية وهو التسليم فأما النقل فواجب على المشتري [ ص: 56 ] لأن فيه تفريعا لملك البائع من ماله فيكون بتركه مفرطا فينتقل الضمان إليه ويشهد له شراء الثمر في رءوس النخل فإن الضمان ينتقل فيه بمجرد انتهاء الثمر إلى أوان أخذه وصلاحيته له سواء قطعه المشتري أو لم يقطعه على الصحيح ولكن هل يعتبر لانتقال الضمان التمكن من القطع أم لا ؟ خرجها ابن عقيل على وجهين من الزكاة ورجح عدم اعتبار التمكن والذي عليه القاضي والأكثرون اعتبار التمكن من النقل في جميع الأعيان فلا يزال في ضمان البائع حتى يحصل تمكن المشتري من النقل وصرح ابن عقيل بخلاف ذلك وأنه يضمن الأعيان المتميزة بمجرد العقد سواء تمكن من القبض أو لم يتمكن كما قال في مسألة الجوائح وكذلك حكم المملوك بصلح أو خلع أو صداق .

التالي السابق


الخدمات العلمية