الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            كتاب الأيمان .

                                                            عن عمر بن الخطاب قال سمعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أحلف بأبي فقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فوالله ما حلفت بعد ذاكرا ولا آثرا وعن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع عمر ، وهو يقول : وأبي وأبي فقال إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فذكره ، وعن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب ، وهو يسير في ركب ، وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ، وفي رواية لمسلم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله .

                                                            التالي السابق


                                                            كتاب الأيمان الحديث الأول عن عمر بن الخطاب قال سمعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أحلف بأبي فقال إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فوالله ما حلفت بها بعد ذاكرا ، ولا آثرا ، وعن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع عمر ، وهو يقول ، وأبي [ ص: 141 ] وأبي فقال إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فذكره ، وعن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (فيه) فوائد (الأولى) أخرجه من الطريق الأولى مسلم ، وأبو داود من رواية أبي الحسن بن العبد من هذا الوجه من طريق عبد الرزاق عن معمر واتفق عليه الشيخان من طريق يونس بن يزيد وأخرجه مسلم من رواية عقيل بن خالد والنسائي ، وابن ماجه من رواية سفيان بن عيينة والنسائي من رواية الزبيري أربعتهم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر ، وفي رواية عقيل ما حلفت بها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ولا تكلمت بها ولم يقل ذاكرا ولا آثرا وأخرجه من الطريق الثانية مسلم ، والترمذي ، والنسائي من هذا الوجه من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه ، وذكره البخاري تعليقا فقال بعد ذكر الطريق الأولى تابعه عقيل والزبيري ، وإسحاق الكلبي عن الزهري وقال ابن عيينة ، ومعمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر سمع النبي صلى الله عليه وسلم عمر انتهى وقد ظهر بذلك الاختلاف على سالم أو الزهري في أن الحديث في مسند عمر أو ابن عمر والاختلاف على ابن عيينة أيضا فالجمهور جعلوه من طريقه من مسند ابن عمر حكاه عنهم والدي رحمهم الله في شرح الترمذي ورواه محمد بن عبد الله بن يزيد بن المقري ، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر عنه بإثبات عمر وأخرجه من الطريق الثالثة البخاري من طريق مالك ، والشيخان من طريق الليث بن سعد ، ومسلم ، والترمذي والنسائي في الكبرى من طريق عبيد الله بن عمر ، ومسلم أيضا من طريق أيوب السختياني ، والوليد بن كثير ، وإسماعيل بن أمية ، والضحاك بن عثمان ، وابن أبي ذئب ، وعبد الكريم الجزري تسعتهم عن نافع عن ابن عمر [ ص: 142 ] ورواه أبو داود عن أحمد بن يونس عن زهير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر ، وجعل المزي في الأطراف رواية عبد الكريم الجزري عند مسلم بإثبات عمر ، وليس كذلك ، وقد ظهر الاختلاف فيه على نافع كسالم .

                                                            (الثانية) فيه النهي عن الحلف بالآباء ، ولا يختص النهي بذلك بل يتعدى إلى كل مخلوق ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ، وفي الصحيحين من رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله .

                                                            ، وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم ، وروى النسائي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحلفوا بآبائكم ، ولا بأمهاتكم ، ولا بالأنداد ، ولا تحلفوا بالله إلا ، وأنتم صادقون ، وهو عند أبي داود أيضا في رواية ابن داسة ، وابن العبد ، وليس في رواية اللؤلؤي ، وإنما خص في هذا الحديث الآباء بالذكر لأمرين (أحدهما) وروده على سبب ، وهو سماعه عليه الصلاة والسلام عمر رضي الله عنه يحلف بأبيه (ثانيهما) خروجه مخرجه الغالب لأنه لم يكن يقع منهم الحلف بغير الله إلا بالآباء ، ويدل لذلك قوله في الرواية المذكورة قريبا ، وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم ، وقد بين حكم غيره فقال من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله .



                                                            وقد اختلف العلماء في أن الحلف بمخلوق حرام أو مكروه ، والخلاف عند المالكية والحنابلة لكن المشهور عند المالكية الكراهة ، وعند الحنابلة التحريم ، وبه قال أهل الظاهر ، ويوافقه ما جاء عن ابن عباس لأن أحلف بالله تعالى مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر ، وقال ابن عبد البر فيه أنه لا يجوز الحلف بغير الله ، وهذا أمر مجتمع عليه ثم قال أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز الحلف لأحد بها ، واختلفوا في الكفارة إذا أحنث فأوجبها بعضهم ، وأباها بعضهم ، وهو الصواب انتهى .

                                                            وقال الشافعي أخشى أن يكون الحلف بغير الله تعالى معصية قال أصحابه أي حراما ، وإثما قالوا فأشار إلى تردد فيه ، وقال إمام الحرمين المذهب القطع بأنه ليس بحرام بل مكروه ، ولذا قال النووي في شرح مسلم هو عند أصحابنا مكروه ، وليس بحرام ، ويوافقه تبويب [ ص: 143 ] الترمذي عليه كراهية الحلف بغير الله ، وقيد ذلك والدي رحمه الله في شرح الترمذي بالحلف بغير اللات والعزى وملة غير ملة الإسلام فأما الحلف بنحو هذا فهو حرام ، وكأن ذلك لأنها قد عظمت بالعبادة ، وقد قال أصحابنا إنه لو اعتقد الحالف بالمخلوق في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى كفر ، وعلى هذا يحمل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد كفر انتهى فمعظم اللات والعزى كافر لأن تعظيمها لا يكون إلا للعبادة بخلاف معظم الأنبياء والملائكة والكعبة والآباء والعلماء والصالحين لمعنى غير العبادة لا تحريم فيه لكن الحلف به مكروه أو محرم على الخلاف في ذلك لورود النهي عنه ، وحكمته أن حقيقة العظمة مختصة بالله تعالى كما قال تعالى الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فلا ينبغي مضاهاة غيره به في الألفاظ ، وإن لم ترد تلك العظمة المخصوصة بالإله المعبود .



                                                            وأما الحلف بالنصرانية ونحوها فلا أشك في أنه كفر ؛ لأن تعظيمها بأي وجه كان يقتضي حقيقتها ، وذلك كفر إلا أن يتأول الحالف أنه أراد تعظيمها حين كانت حقا قبل نسخها فلا أكفره حينئذ ، ولكن أحكم عليه بالعصيان لبشاعة هذا اللفظ والتشبه فيه بأهل الكفر والضلال ، والله أعلم انتهى .

                                                            وهذا الحديث الذي ذكره أصحابنا رواه الترمذي عن ابن عمر أنه سمع رجلا يقول لا ، والكعبة فقال ابن عمر لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك .

                                                            وقال الترمذي هذا حديث حسن ، وأخرجه الحاكم في مستدركه ، وقال إنه صحيح على شرط الشيخين ، وهو في سنن أبي داود في رواية ابن العبد دون رواية اللؤلؤي .

                                                            وقال الترمذي تفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله كفر أو شرك على التغليظ ، والحجة في ذلك حديث ابن عمر إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، وحديث أبي هريرة من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ، وهذا مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرياء شرك فقد فسر أهل العلم هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا الآية قال لا يرائي انتهى .

                                                            وقال ابن العربي يريد به شرك الأعمال ، وكفرها ليس [ ص: 144 ] شرك الاعتقاد ، ولا كفره كقوله عليه الصلاة والسلام من أبق من مواليه فقد كفر ، ونسبة الكفر إلى النساء ، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن قال مر عمر بالزبير ، وهو يقول لا ، والكعبة فرفع عليه الدرة ، وقال الكعبة ، ، لا أم لك تطعمك وتسقيك ، وهذا منقطع ، وعن عكرمة قال قال عمر حدثت قوما حديثا فقلت لا وأبي فقال رجل من خلفي لا تحلفوا بآبائكم قال فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أحدكم حلف بالمسيح لهلك ، والمسيح خير من آبائكم ، وهو منقطع أيضا ، وعن كعب الأحبار أنه قال إنكم تشركون قالوا وكيف يا أبا إسحاق قال يحلف الرجل لا وأبي لا وأبيك ، لا لعمري لا لحياتي لا وحرمة المسجد ، لا والإسلام ، وأشباهه من القول ، وعن القاسم بن مخيمرة قال (ما أبالي حلفت بحياة رجل أو بالصليب) رواها كلها ابن أبي شيبة .

                                                            (الثالثة) إن قلت كيف الجمع بين هذا النهي وبين قوله عليه الصلاة والسلام في قصة الأعرابي أفلح وأبيه إن صدق (قلت) أجيب عن ذلك الحديث بأجوبة : (أحدها) تضعيف ذلك الحديث ، وإن كان في الصحيح قال ابن عبد البر هذه لفظ غير محفوظة في هذا الحديث من حديث من يحتج به ، وقد روى هذا الحديث مالك ، وغيره لم يقولوا ذلك ، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث ، وفيه : أفلح والله إن صدق ، ودخل الجنة ، والله إن صدق ، وهذا أولى من رواية من روى (وأبيه) لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح انتهى .

                                                            ولهذا قال بعضهم أن قوله وأبيه تصحيف من بعض الرواة ، وإنما هو والله (ثانيها) قال النووي في شرح مسلم جوابه أن هذا كلمة تجري على اللسان لا يقصد بها اليمين (ثالثها) أنه منسوخ قال القاضي أبو بكر بن العربي روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يحلف بأبيه حتى نهي عن ذلك ، وقال ابن عبد البر أيضا هذه لفظة إن صحت فهي منسوخة لنهيه عليه الصلاة والسلام عن الحلف بالآباء ، وبغير الله ، وقال الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري ، وهو ضعيف لعدم تحقق التاريخ ، ولإمكان الجمع (قلت) لو صح ما ذكره ابن العربي لكان دليلا على النسخ (رابعها) أنه عليه الصلاة والسلام أضمر فيه اسم الله كأنه قال : لا ورب أبيه ، والنهي إنما ورد فيمن لم يضمر ذلك [ ص: 145 ] بل قصد تعظيم أبيه على عادة العرب (خامسها) أن هذه كلمة لها استعمالان في كلام العرب تارة يقصد بها التعظيم ، وتارة يريدون بها تأكيد الكلام وتقويته دون القسم ، ومنه قول الشاعر :

                                                            أطيــب ســفاها مــن ســفاهة رأيهـا لأهجوهـــا لمـــا هجـــتني محـــارب فلا وأبيهـــــا إننـــــي بعشـــــيرتي
                                                            ونفســـي عـــن ذاك المقــام لــراغب

                                                            ومحال أن يقسم بأبي من يهجوه على سبيل الإعظام لحقه في أمثلة عديدة ذكر هذه الأجوبة ما عدا الأول الخطابي .

                                                            (الرابعة) قال النووي إن قيل فقد أقسم الله تعالى بمخلوقاته فإنه قال تعالى والصافات صفا والذاريات والطور فالجواب أن لله تعالى أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه انتهى .

                                                            وتعبيره بقوله (لله) منكر ، ولو قال إن الله يقسم بما شاء لكان أحسن وفي مصنف ابن أبي شيبة عن ميمون بن مهران قال إن الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه ، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله .

                                                            (الخامسة) قول عمر رضي الله عنه ما حلفت بها بعد ذاكرا ، ولا آثرا هو بالمد ، وبكسر الثاء المثلثة أي حاكيا له عن غيره أي ما حلفت بها ، ولا حكيت عن غيري أنه حلف بها يقال آثرت الحديث إذا ذكرته عن غيرك ، ومنه كما قيل قوله تعالى أو أثارة من علم ويدل لذلك قوله في رواية لمسلم تقدمت ، ولا تكلمت بها (فإن قلت) الحاكي لذلك عن غيره ليس حالفا به (قلت) يجوز أن يكون العامل فيه محذوفا أي ما حلفت بها ذاكرا ، ولا ذكرته آثرا ، وإن تضمن حلفت معنى نطقت أو قلت أو نحو ذلك مما يصلح للعمل فيهما كما قد ذكر الوجهان في قول الشاعر :

                                                            علفتهـــــا تبنــــا ومــــاء بــــاردا

                                                            ، إما أن يقدر سقيتها ، وإما أن يضمن علفتها معنى أنلتها ، وما أشبه ، وقد ذكر كهذا السؤال ، وجوابه والدي رحمه الله في شرح الترمذي (فإن قلت) إذا تورع عن النطق بذلك حاكيا له عن غيره فكيف نطق به حاكيا له عن نفسه (قلت) حكايته له عن نفسه من ضرورة تبليغ هذه القصة ، وروايتها ، وأيضا فقد يريد نفي حكاية كلام الحالف به بعد النهي عنه .

                                                            وأما هو فإنما حلف به [ ص: 146 ] قبل النهي عنه ، وجوز والدي رحمه الله في معنى قوله (آثرا) وجهين آخرين (أحدهما) أن يكون معناه مختارا يقال آثر الشيء اختاره ، وعلى هذا فيكون قوله ذاكرا من الذكر بالضم خلاف النسيان أي ما حلفت بها ذاكرا اليمين غير مجبر ، ولا مختار مريدا لذلك (ثانيهما) أن يكون معنى قوله آثرا أي على طريق التفاخر بالآباء والإكرام لهم يقال آثره أي أكرمه لكن على عادة العرب في النطق بذلك لا على سبيل التعظيم والإكرام .



                                                            (السادسة) قوله فليحلف بالله فيه إباحة الحلف بالله ، وليس المراد بهذا اللفظ بخصوصه بل كل ما يطلق على الله تعالى من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ينعقد اليمين بالحلف به ، وهذا مجمع عليه ، وإن وقع الكلام ، والتفصيل في ألفاظ استعملت في حق غير الله تعالى ، وذلك مبين في كتب الفقه .

                                                            (السابعة) استدل به على أن اليمين لا ينعقد في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تجب بها كفارة لأمره عليه الصلاة والسلام بالصمت عن الحلف بغير الله ، وهذا هو المشهور من مذاهب العلماء ، وهو مذهب أحمد بن حنبل ، وعنها رواية أخرى في هذه الصورة الخاصة دون بقية المخلوقات بالانعقاد ، ووجوب الكفارة ، وجزم به ابن العربي عنه ، وعلله بأنه حلف بما لا يتم الإيمان [ إلا به ] فوجبت عليه الكفارة كالحلف بالله ثم رده ابن العربي بأن الإيمان عند أحمد لا يتم إلا بفعل الصلاة ، ومن تركها متعمدا كفر فيلزمه إذا حلف بها أن تلزمه الكفارة إذا حنث ، ولم يقل به .

                                                            (الثامنة) فيه حجة على أبي حنيفة والحنابلة في قولهم إنه إذا قال إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر فهي يمين تجب بها الكفارة إذا فعل ما منع نفسه منه ، ووجه الاحتجاج به عليهم أنه لم يحلف في ذلك بالله تعالى فكيف يجب عليه الكفارة إذا حنث فيه مع ورود النهي عن الحلف بغير الله فلم ينعقد له يمين ، ولهذا قال مالك والشافعي ، وغيرهما أنه ليس يمينا ، ولا كفارة فيه ، وسيأتي لذلك مزيد إيضاح في الحديث الثامن .



                                                            (التاسعة) فيه أنه [ إذا ] قال أقسمت لأفعلن كذا وكذا لا تكون يمينا لأنه لم يحلف بالله تعالى ، وبه قال الشافعي ، وقال مالك وأحمد إن نوى بالله أو بصفة من صفاته كان يمينا ، وإلا فلا ، وقال أبو حنيفة هو يمين مطلقا .



                                                            (العاشرة) وفيه أن الحلف بالأمانة ليس يمينا [ ص: 147 ] لانتفاء الاسم ، والصفة ، وبه قال الشافعي حكاه عنه الخطابي ، والذي في كتب أصحابنا أنه إذا قال علي أمانة الله لأفعلن كذا ، وأراد اليمين فهو يمين ، وإن أراد غير اليمين كالعبادات فليس يمينا ، وإن أطلق فوجهان أصحهما أنه ليس لتردد اللفظ ، وقد فسرت الأمانة في قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة بالعبادات .

                                                            وقال المالكية يكره الحلف بأمانة الله ، وفيه الكفارة إن قصد الصفة .

                                                            وقال الحنابلة إن قال : وأمانة الله فهو يمين ، وإن قال والأمانة لم يكن يمينا إلا أن ينوي صفة الله ، وعن أحمد رواية أخرى أنه يمين مطلقا ، وحكى الخطابي عن أصحاب الرأي أنه إذا قال : وأمانة الله كان يمينا ، ولزمته الكفارة فيها ، وفي سنن أبي داود عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف بالأمانة فليس يمينا .




                                                            الخدمات العلمية