الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في المسح على الخفين ظاهرهما

                                                                                                          98 حدثنا علي بن حجر قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة بن شعبة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين على ظاهرهما قال أبو عيسى حديث المغيرة حديث حسن وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن المغيرة ولا نعلم أحدا يذكر عن عروة عن المغيرة على ظاهرهما غيره وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وأحمد قال محمد وكان مالك بن أنس يشير بعبد الرحمن بن أبي الزناد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( نا عبد الرحمن بن أبي الزناد ) بفتح النون القرشي مولاهم المدني ، قال الحافظ في التقريب : صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيها .

                                                                                                          ( عن أبيه ) أي أبي الزناد واسمه عبد الله بن ذكوان ثقة فقيه .

                                                                                                          قوله : ( يمسح على الخفين على ظاهرهما ) أي على أعلاهما ، وهذا الحديث دليل على أن المسح على أعلى الخفين دون أسفلهما .

                                                                                                          قوله : ( حديث المغيرة حديث حسن ) وأخرجه أبو داود وسكت عنه ، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره ، وقال البخاري في التاريخ الأوسط : ثنا محمد بن الصباح ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ظاهرهما ، قال وهذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة كذا في التلخيص . وقد تقدم هذا في كلام الحافظ الذي نقلناه في [ ص: 274 ] الباب المتقدم ، وفي الباب عن علي قال : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ظاهرهما ، أخرجه أبو داود قال الحافظ في بلوغ المرام : بإسناد حسن ، وقال في التلخيص : إسناده صحيح ، وفي الباب أيضا عن عمر بن الخطاب عند ابن أبي شيبة والبيهقي قاله الشوكاني في النيل .

                                                                                                          قوله : ( ولا نعلم أحدا يذكر عن عروة عن المغيرة على ظاهرهما غيره ) أي غير عبد الرحمن بن أبي الزناد يعني لفظ " على ظاهرهما " تفرد بذكره عبد الرحمن .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وأحمد ) وبه يقول أبو حنيفة ومن تبعه وإسحاق وداود وهو قول علي بن أبي طالب وقيس بن سعد بن عبادة والحسن البصري وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح وجماعة كذا في الاستذكار .

                                                                                                          والحجة لهم حديث المغيرة المذكور في هذا الباب وحديث علي الذي ذكرناه وحديث عمر الذي عند ابن أبي شيبة والبيهقي قال الشوكاني في النيل : ليس بين الحديثين تعارض ، غاية الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح تارة على باطن الخف وظاهره وتارة على ظاهره ولم يرو عنه ما يقضي بالمنع من إحدى الصفتين فكان جميع ذلك جائزا أو سنة . انتهى كلام الشوكاني .

                                                                                                          قلت : نعم ليس بين الحديثين تعارض ولم يرو عنه ما يقضي بالمنع من إحدى الصفتين لكن لا شك في أن حديث المسح على ظاهر الخفين حديث صحيح ، وأما حديث المسح على ظاهرهما وباطنهما فقد عرفت ما فيه من الكلام فالعمل بحديث المسح على ظاهر الخفين هو الراجح المتعين ، هذا ما عندي والله أعلم .

                                                                                                          قوله : ( وكان مالك يشير بعبد الرحمن بن أبي الزناد ) أي بضعفه ، قال الحافظ في تهذيب التهذيب : وتكلم فيه مالك لروايته عن أبيه كتاب السبعة يعني الفقهاء وقال أين كنا عن هذا . انتهى .

                                                                                                          قلت : قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الحديث ، ففي هذا الكتاب وقال ابن محرز : عن [ ص: 275 ] يحيى بن معين ليس مما يحتج به أصحاب الحديث ، ليس بشيء . وقال معاوية بن صالح وغيره عن ابن معين ضعيف وقال الدوري عن ابن معين لا يحتج بحديثه وهو دون الدراوردي ، وقال صالح بن أحمد عن أبيه مضطرب الحديث وقال محمد بن عثمان عن ابن المديني كان عند أصحابنا ضعيفا وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه : ما حدث بالمدينة فهو صحيح وما حدث ببغداد أفسده البغداديون ، وفيه وقال الترمذي والعجلي ثقة وصحح الترمذي عدة من أحاديثه وقال في اللباس : ثقة حافظ . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية