الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 443 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في عاشر المحرم منها رسم الوزير أبو الحسن علي بن محمد الكوكبي - ويعرف بابن المعلم ، وكان قد استحوذ على السلطان - لأهل الكرخ وباب الطاق من الرافضة بأن لا يفعلوا شيئا من تلك البدع التي كانوا يتعاطونها في عاشوراء ; من تعليق المسوح وتغليق الأسواق والنياحة على الحسين ، فلم يفعلوا شيئا من ذلك ، ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد كان هذا الرجل من أهل السنة إلا أنه كان طماعا ; رسم بأن لا يقبل أحد من الشهود ممن استحدث عدالته بعد ابن معروف وكان كثير منهم قد بذل أموالا جزيلة في ذلك ، فاحتاجوا إلى أن جمعوا له شيئا ، فوقع لهم بالاستمرار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان في جمادى الآخرة سعت الديلم والترك على ابن المعلم هذا ، وخرجوا بخيامهم إلى باب الشماسية ، وراسلوا بهاء الدولة ليسلمه إليهم ، لسوء معاملته إياهم ، فدافع عنه مدافعة عظيمة في مرات متعددة ، ولم يزالوا يراسلونه في أمره حتى خنق أبا الحسن بن المعلم في حبل ، ومات ودفن بالمخرم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي رجب من هذه السنة سلم الخليفة الطائع لله الذي خلع إلى أمير المؤمنين خليفة الوقت أبي العباس القادر بالله فأمر بوضعه في حجرة من دار الخلافة ، [ ص: 444 ] وأمر أن تجرى عليه الأرزاق والتحف والألطاف ، مما يستعمله الخليفة القادر من مأكل وملبس وطيب ، ووكل به من يحفظه ويخدمه ، وكان يتعنت ويتعتب على القادر في تقلله في المأكل والملبس ، فرتب من يخدمه يحضر له ما يشتهيه من سائر الأنواع ، ولم يزل كذلك حتى توفي وهو في السجن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شوال منها ولد للخليفة القادر ولد ذكر ، وهو أبو الفضل محمد بن القادر بالله ، وقد ولاه العهد من بعده ، وسماه الغالب بالله ، فلم يتم له الأمر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا الوقت غلت الأسعار ببغداد حتى بيع رطل الخبز بأربعين درهما ، والحوزة بدرهم . وفي ذي القعدة قدم صاحب الأصيفر الأعرابي ، والتزم بحراسة الحجاج في ذهابهم وإيابهم ، وبشرط أن يخطب للقادر من اليمامة والبحرين إلى الكوفة فأجيب إلى ذلك ، وأطلقت له الخلع والأموال والألوية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية