الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              404 - حذيفة بن قتادة

              ومنهم العابد المتواضع ، الخاضع المتوادع - حذيفة بن قتادة المرعشي ، صحب سفيان الثوري وسمع منه .

              حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، سمعت . . . يقول : قال حذيفة المرعشي : " القلوب قلبان : قلب ملح في مسألة ، وقلب [ ص: 268 ] يتوقع ساعته " .

              فحدثت به أبا سليمان ، فقال : " كل قلب يتوقع متى قرع الباب يجيئه إنسان فيعطيه ، فذاك قلب فاسد " .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ح وحدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني سلمة ، ثنا سهل بن عاصم ، عن أبي يزيد الرقي ، قال : قال حذيفة بن قتادة : قيل لرجل : كيف تصنع في شهوتك ؟ قال : " ما في الأرض نفس أبغض إلي منها ، فكيف أعطيها شهوتها ؟ " .

              حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الزبيري ، ثنا محمد بن المسيب الأرغياني ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال حذيفة المرعشي : " لو جاءني رجل فقال لي : والله الذي لا إله إلا هو يا حذيفة ، ما عملك عمل من يؤمن بيوم الحساب ، لقلت له : يا هذا ، لا تكفر عن يمينك ؛ فإنك لا تحنث " .

              حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، ثنا أحمد بن عبد الكريم الفزاري ، ثنا عبد الله بن خبيق ، سمعت يوسف بن أسباط ، سمعت حذيفة بن قتادة المرعشي ، يقول : " لو أحببت من يبغضني على حقيقة في الله لأوجبت على نفسي حبه " .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك ، سمعت أبا عمران موسى بن عبد الله الطرسوسي ، سمعت أبا يوسف الغسولي ، يقول : كتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط : " أما بعد ، فإن من قرأ القرآن فآثر الدنيا على الآخرة فقد اتخذ القرآن هزوا ، ومن كانت النوافل أحب إليه من ترك الدنيا لم آمن أن يكون محروما ، والحسنات أضر علينا من السيئة ، والسلام " .

              حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال حذيفة : " إن لم تخش أن يعذبك الله على أفضل عملك فأنت هالك " .

              وقال لي حذيفة : " لو نزل علي ملك من السماء يخبرني أني لا أرى النار بعيني وأني أصير إلى الجنة إلا أني أقف بين يدي ربي تعالى يسائلني ثم أصير إلى الجنة ، لقلت : لا أريد الجنة ولا أقف ذلك الموقف " .

              ثم قال : " إن عبدا يعمل على خوف [ ص: 269 ] لعبد سوء ، وإن عبدا يعمل على رجاء لعبد سوء ، كلاهما عندي سواء " .

              حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال لي حذيفة : " إنك ربما أصبت الحكمة فوق مزبلة ، فإذا أصبتها فخذها " . فحدثت به ابن أبي الدرداء ، فقال : صدق ، نحن مزابل ، وهو عندنا ذو حكمة .

              وقال حذيفة : " كان ينبغي للرجل لو خير بين أن يضرب عنقه وبين أن يزوج امرأة في الفتنة لاختار ضرب العنق على تزويج امرأة في الفتنة " .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ح ، وحدثنا محمد بن أحمد بن الوليد ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا يوسف بن أسباط ، قال : قال لي حذيفة المرعشي : " ما أصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه " .

              حدثنا أبو يعلى البريدي ، حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني ، حدثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال لي ابن أبي الدرداء ، رأيت حذيفة المرعشي عند جعفر ، يقول له : يا عبد الله ، ليس ينبغي للمؤمنين أن يشغله عن الله شيء ، لا فقر ولا غنى ولا صحة ولا مرض ، فقال له حذيفة : كنت لا تكون هاهنا حيلتان ، قال : ما هما؟ قال ، لا تقاتل الله في السراء ، ولا تأكل سدسا . وقال حذيفة : إن من الكلام ما الصبر على استماعه أشد علي من ضرب السياط .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أحمد بن الوليد ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا يوسف بن أسباط ، قال : قال لي حذيفة المرعشي : كان يقال : إذا رأيتم الرجل قد جلس وحده فانظروا إلى أي شيء جلس ، فإن كان جلس ليجلس إليه فلا يجلس إليه ، وقال حذيفة : لأن أدع لله كذبة أحب إلي من أن أحج حجة .

              حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا محمد بن المسيب ، حدثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال حذيفة المرعشي : إن لم تكن خائفا أن يعذبك الله على فضول عملك كنت هالكا ، وقال حذيفة : إياكم والفجار والسفهاء ، فأما إنكم إذا قبلتموها أنكم قد رضيتم فعلهم ، وقال حذيفة : إذا سمع الرجل كلاما أو علما فلم يعمل به فهو ذنب .

              حدثنا الحسين بن محمد ، حدثنا محمد بن المسيب ، حدثنا عبد الله بن خبيق ، حدثني [ ص: 270 ] أبو الفيض ، عن عبد الله بن عيسى الرقي ، قال : قال لي حذيفة : هل لك أن تجمع لك الخير كله في حرفين ؟ قلت في نفسي : تراه فاعلا ، قال : قلت : ومن لي بذلك؟ قال : مداراة الخير من حله ، وإخلاص العمل لله حسبك .

              حدثنا الحسين بن محمد ، حدثنا محمد بن المسيب ، حدثنا عبد الله بن خبيق ، حدثني موسى بن العلاء ، قال : قال لي حذيفة : يا موسى ، ثلاث خصال إن كن فيك لم ينزل من السماء خير إلا كان لك فيه نصيب ، يكون عملك لله ، وتحب للناس ما تحب لنفسك ، وهذه الكسرة تحر فيها ما قدرت ،

              حدثنا عثمان بن محمد العثماني ، ثنا محمد بن أحمد البغدادي ، ثنا أبو الحسين علي بن الحسن بن علي البغدادي ، سمعت أبا الحسن بن أبي الورد ، يقول : قال رجل : أتينا على ابن بكار ، فقلنا له : حذيفة المرعشي يقرئ عليك السلام ، قال : وعليه ، إني لأعرفه بأكل الحلال منذ ثلاثين سنة ، ولئن ألقى الشيطان عيانا أحب إلي من أن ألقاه ، قلت له في ذلك ، قال : إني أخاف أن أتصنع له ، فأتزين لغير الله ، فأسقط من عين الله .

              حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا يوسف بن أسباط ، قال حذيفة : بلغنا أن مطرف بن الشخير ، سمع رجلا يعرفه ، وهو يدعو ، قال : اللهم لا تزد في أجلي ، فقال : " هذا العارف بنفسه " .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا محمد بن يزيد المستملي ، ثنا حذيفة المرعشي ، قال : مررت بالرقة بأصحاب السويق ورجل يبيع السويق عليه . . . وغلامين ، وهو مقبل عليهما وعلى رأسه كمة دنسة ، فقلت : لو ألقيت هذه الكمة ، قال : أصبت ، قلبي يصلح عليها ، قلت : أراك مقبلا على غلامين ، أفأنت تحبهما ؟ قال : إني أجل الله أن أشغل قلبي بحب أحد مع حبه ، ولكن أرحمهما .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن خبيق ، حدثني خلف بن تميم ، سمعت أبا الأحوص ، يقول : " رأيت من بكر بن وائل خمسة ما رأيت مثلهم قط : إبراهيم بن أدهم ، ويوسف بن أسباط ، وحذيفة بن قتادة ، . . . العجلي ، وأبا يونس العوفي " .

              [ ص: 271 ] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، ثنا عبد الصمد بن محمد العباداني ، عن بشر بن الحارث ، سمعت المعافى بن عمران ، يقول : " كان عشرة ممن مضى من أهل الحلم ينظرون في الحلال النظر الشديد ، لا يدخلون بطونهم إلا ما يعرفون من الحلال ، وإلا استفوا التراب ، ثم عد : بشر ، إبراهيم بن أدهم ، وسليمان الخواص ، وعلي بن الفضيل ، ويمان أبو معاوية الأسود ، ويوسف بن أسباط ، ووهيب بن الورد ، وداود الطائي ، وحذيفة المرعشي " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الرحمن بن أبي وصافة العسقلاني ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا موسى بن العلاء ، قال : قال حذيفة بن قتادة المرعشي : قال لي سفيان الثوري : " لأن أترك عشرين ألفا يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس " .

              حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا الحسين بن محبوب ، ثنا الفيض ، قال : قال حذيفة المرعشي : ثنا عمار ، عن الأعمش ، كنا عند مجاهد ، فقال : " القلب هكذا وبسط كفه ، فإذا أذنب الرجل ذنبا قال هكذا ، وعقد واحدا ، وإذا تم عقد اثنين ، ثم ثلاثا ثم أربعا ، ثم رد الإبهام على الأصبع في الذنب الخامس ، فطبع على قلبه . قال مجاهد : فأيكم يرى أن يطبع على قلبه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية