الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 150 ] كتاب الغصب وهو الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق ، وتضمن أم الولد والعقار بالغصب ، وعنه ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          كتاب الغصب .

                                                                                                                          هو مصدر غصب الشيء يغصبه ، بكسر الصاد غصبا ، واغتصبه يغتصبه اغتصابا ، والشيء مغصوب وغصب ، وهو في اللغة أخذ الشيء ظلما ، قاله الجوهري ، وابن سيده .

                                                                                                                          وفي الشرع قال المؤلف تبعا لأبي الخطاب .

                                                                                                                          ( وهو الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق ) فقهرا زيادة في الحد ; لأن الاستيلاء يدل عليه ، وفيه نظر ; لأنه لا يستلزمه مع أنه يخرج بقيد " القهر " المال المسروق ، والمنتهب ، والمختلس ، و " بغير حق " يخرج استيلاء الولي على مال الصغير ، والحاكم على مال المفلس ، وكذا في " المغني " وأسقط لفظة " قهرا " وليس بجامع لخروج ما عدا ذلك من الحقوق كالكلب ، وخمر الذمي ، والسرجين ، فإنها قابلة للغصب ، وليست بمال ، وفيه تعريف " غير " باللام ، والأشهر إسقاطها فيها ، وأحسنها الاستيلاء على حق غيره قهرا وظلما ، وهو محرم بالإجماع ، وسنده قوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم [ البقرة : 188 ] ، وقوله عليه السلام : فإن دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام ، وقوله عليه السلام : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ، رواه ابن ماجه ، والدارقطني ( وتضمن أم الولد ) بالغصب في قول جماهير العلماء ; لأنها تجري مجرى المال بدليل أنها تضمن بالقيمة في الإتلاف ، لكونها مملوكة كالمدبرة بخلاف الحرة ، فإنها ليست مملوكة فلا تضمن بالقيمة لكن لا تثبت يد [ ص: 151 ] على بضع ، فيصح تزويجها ، ولا يضمن نفعه ( والعقار ) بفتح العين ، الضيعة ، والنخل ، والأرض ، قاله أبو السعادات ( بالغصب ) في ظاهر المذهب ، لما روى سعيد بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من اقتطع من الأرض شبرا ظلما طوقه يوم القيامة من سبع أرضين ، متفق عليه ، ولأن ما يضمن في الإتلاف يجب أن يضمن في الغصب كالمنقول ( وعنه : ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب ) روى عنه ابن منصور فيمن غصب أرضا فزرعها ثم أصابها غرق من الغاصب غرم قيمة الأرض ، وإن كان سببا من السماء لم يكن عليه شيء ، فظاهر هذا أنها لا تضمن بالغصب ; لأنه لا يوجد فيها النقل والتحويل فلم يضمن ، كما لو حال بينه وبين متاعه ، فتلف ، ولأن الغصب إثبات اليد على المال عدوانا على وجه تزول به يد المالك ، ولا يمكن ذلك في العقار ، وجوابه بأنه يمكن الاستيلاء عليه على وجه يحول بينه وبين مالكه ، مثل أن يسكن دارا ، ويمنع مالكها من دخولها ، أشبه أخذ الدابة والمتاع ، وعلى الثانية إن أتلفه ضمنه بالإتلاف .



                                                                                                                          مسألة : لو دخل دارا قهرا وأخرجه فغاصب ، وإن أخرجه قهرا ولم يدخل ، أو دخل مع حضور ربها وقوته ، فلا ، وإن دخل قهرا ولم يخرجه فقد غصب ما استولى عليه ، وقيل : بل النصف ، وإن لم يرد الغصب ، فلا ، وإن دخلها قهرا في غيبة ربها فغاصب ، ولو كان فيها قماشة ، وهل يشترط في غصب ما ينقل نقله ؛ فيه وجهان ، الأصح أنه لا يشترط .




                                                                                                                          الخدمات العلمية